اتحاد الشغل التونسي يحشد لإبعاد الشاهد

25 يونيو 2018
الغنوشي يرفض خروج الشاهد من المشهد (رياض دريدي/فرانس برس)
+ الخط -
في ظلّ الأزمة السياسية العميقة في تونس، وبالنظر إلى المأزق الذي وصل إليه الجميع بسبب الخلاف حول بقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد من عدمه، تحوّلت الأنظار من قصر الرئاسة في قرطاج إلى مقرّ الاتحاد العام التونسي للشغل، فلم يتوقّف الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، عن لقاءاته الماراثونية بقادة الأحزاب التونسية. كذلك تراجع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قليلاً إلى الخلف، تاركاً المبادرة للنقابة الكبرى في تونس، التي رصّت صفوفها من أجل إسقاط الشاهد مهما كلّف الأمر.


في هذا السياق، كشفت مصادر حزبية لـ"العربي الجديد"، أن "الاتحاد بدأ استعجال عملية الخروج من هذا المأزق السياسي الذي عطّل الدولة، وأنه بصدد الاتفاق مع الأحزاب التي التقاها على حزمة متلازمة من الأفكار، تبدأ بإبعاد الشاهد وتغيير الحكومة، وتشمل تغيير القانون الانتخابي وانتخاب المحكمة الدستورية واستكمال بقية القوانين والمؤسسات. أي أن الاجتماع سيكون حول خارطة طريق متكاملة، تجمع حولها الأحزاب المتفقة وتستبعد الباقين".

وأكدت المصادر أن "الفكرة هي أن يتقدم النواب بلائحة سحب الثقة من الحكومة، يتم بعدها عرض الأمر على البرلمان عقب ضمان تجميع 109 نواب لإسقاط هذه الحكومة، ويبدو أن المشاورات مع الأحزاب الممثلة في البرلمان تتم حول هذا الأمر". ولفتت المصادر إلى أن "الطبوبي أكد لضيوفه استعداد منظمته للتضحية والتنازل بشأن بعض الإصلاحات، بشرط أن يتم ذلك مع حكومة جديدة".

ولم تعلن هذه الأحزاب عن موقفها حتى الآن، وعاد عدد منها إلى قواعده ومؤسساته لبحث الأمر، باستثناء "نداء تونس" أو شقه بقيادة حافظ قائد السبسي، الذي أكد في بيان له، بعد اجتماعه بالطبوبي، أن "اللقاء ناقش الأزمة الحكومية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة في هذا الظرف الصعب الذي تمرّ به البلاد، خصوصاً بعد تعليق وثيقة قرطاج 2".

وقد لمس وفد "نداء تونس" خلال هذا اللقاء استعداد الاتحاد العام التونسي للشغل للانفتاح على الإصلاحات الضرورية الممكنة، شرط "وجود الأطراف الحكومية الجادة والأطراف السياسية القابلة للتضحية الجماعية". كذلك أكد تمسكه بـ"وحدة الصف الوطني والانحياز التام للقضايا الأساسية للشعب، بعيداً عن كل التجاذبات السياسية المفتعلة وبعيداً عن كل المعارك الشخصية التي يريد البعض التسويق لها على حساب المصلحة العليا للوطن". وأكد الوفد "وقوف الحركة اللامشروط إلى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل".



كذلك أكد الطرفان على "ضرورة إيجاد حل سريع يمكن من وضع حد للأزمة التي تواجهها البلاد من خلال تغيير عميق وشامل للحكومة، بغرض الشروع في الاصلاحات وبما يساعد على المضي قدماً في اتجاه تحقيق نمو حقيقي ودائم والسيطرة التدريجية على نسب التضخم والبطالة". وكشف البيان حجم إصرار الاتحاد على إسقاط الشاهد، بما يعني أن الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين في هذا الصدد. ولكن هذا المسار يستوجب أولاً تجميع كل نواب "نداء تونس"، إذ سبق أن عبّر جزء منهم عن معارضته لاستبدال الشاهد.

ورأى مراقبون أن "الخلاف داخل نداء تونس إنما هو خلاف مع السبسي الابن، لا الأب، وأن الأخير مدعوّ للخروج عن صمته والتعبير عن موقفه بوضوح وإزالة كل الغموض الذي فتح باب التأويلات واسعاً". وقدّروا احتمال أن "يخاطب السيسي التونسيين قريباً بشأن هذا الملف وإنهاء حالة الترقب التي طالت أكثر من اللازم".

وكان السبسي قد التقى راشد الغنوشي، في اجتماع لم يعلن عنه يوم الخميس الماضي. وعلم "العربي الجديد" أن "الاجتماع انتهى إلى خلاف جديد، مع إصرار الغنوشي على بقاء الشاهد مرة أخرى، بينما اعتبر السبسي أن التوافق انتهى، وعبّر لضيفه عن انزعاجه من تصرفات رئيس حكومته وقراراته الأخيرة التي تمّت من دون استشارته، ولكن الغنوشي بقي على موقفه، لينتهي الاجتماع على هذا الشكل".

ولا تستبعد المصادر أن يتمكن الاتحاد من جمع العدد الضروري من النواب إذا ضمن كل نواب "نداء تونس" أولاً. وهو ما سيستوجب بالضرورة دخول الرئيس السبسي على الخط وبذل جهده لتوحيد كلمة الندائيين، ولكن هذا الأمر لن يكون بالسهولة المتوقعة، بالنظر إلى حجم الخلافات العميقة داخل الصف الندائيّ، التي انعكست على كتلته النيابية.



المساهمون