وفي تفاصيل الحادثة، أوضحت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، أن المقدم أركان حرب محمود منتصر، يعتبر خلال العامين الأخيرين من أشهر القادة العسكريين بالجيش المصري في ما يخصّ عمليات هدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية في مدينة رفح، والتي تنشط فيها الكتيبة التي يعمل بها كمسؤولٍ للعمليات. وكان المقدم الراحل يوجّه القوات المسلحة في حملات التجريف بشكل أسبوعي، إلى أن جرى قتله على يد التنظيم، ما أجبر حملات التجريف على التوقف فوراً، وحتى إشعار آخر. وأشارت المصادر إلى أن المقدم المقتول كان قد تعرض لمحاولة اغتيال سابقة بتفجير عبوة ناسفة في "الجيب" العسكري الذي كان يستقله في مدينة رفح، نجا منها. وتدل طبيعة محاولة الاغتيال السابقة على أن التنظيم (ولاية سيناء) معني بقتله، ولديه معلومات كافية حوله وحول تحركاته، إلى أن اغتاله في هجومٍ إرهابي السبت الماضي بالقرب من عمليات التجريف في حي الرسم.
وأضافت المصادر نفسها أن الجيش المصري استكمل في الآونة الأخيرة عمليات الهدم للأحياء التي جرى تهجير سكانها خلال العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في فبراير/ شباط 2018، بقيادة المقدم أركان حرب محمود منتصر، فيما حاول التنظيم أكثر من مرة استهداف القوات الهندسية والمشاة العاملة على هدم المنازل، من خلال إطلاق النار أو القذائف تجاهها خلال عملها، وأحياناً التصدي الكامل للحملة العسكرية، وإجبارها على الانسحاب. إلا أن الضربة القاسية المتمثلة بقتل قائد عمليات الكتيبة، أجبرت الجيش بشكل فعلي على وقف عمليات الهدم حتى إشعار آخر، حيث إنه منذ يوم وقوع عملية القتل وحتى نهاية يوم الإثنين (أول من أمس)، لم تتحرك الآليات العسكرية في اتجاه الأحياء المنوي استكمال هدمها، ما يشير إلى التخوف من إمكانية استهداف الحملة مجدداً، وقنص مسؤوليها من قبل التنظيم.
وكان "ولاية سيناء" قد حاول اغتيال شخصية أمنية بارزة ليلة عيد الأضحى (11 أغسطس/ آب الحالي)، مستهدفاً حكمدار مديرية أمن شمال سيناء، اللواء توفيق حسام، الذي أصيب بطلق ناري خلال الهجوم على كمين الموقف القديم في مدينة العريش، بالإضافة إلى تنفيذه سلسلة من محاولات الاغتيال التي نجحت أغلبها في القضاء على قيادات أمنية وعسكرية في المحافظة على مدار السنوات الست الماضية.
وتعقيباً على ذلك، رأى باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، أنه لا يمكن لأي طرف التقليل من خطورة عملية اغتيال محمود منتصر، وذلك بناء على أكثر من معطىً، أهمها الرتبة العسكرية التي يحملها الضابط، والمهمة العسكرية المكلف بها، ومكان الاستهداف في مدينة رفح التي باتت مدينة أشباح، وقدرة التنظيم على التحرك فيها، على الرغم من الانتشار العسكري الواسع لقوات الجيش، وتوقيت الهجوم الذي وقع في وقت اعتبر فيه الجيش أن ثمة هدوءاً نسبياً في المحافظة، وفي رفح على وجه الخصوص، بعد حملات عسكرية متكررة، وقصف جوي على نقاط للتنظيم.
هذه المعطيات يضاف إليها، بحسب الباحث، القدرة على الوصول للقائد العسكري بالجيش، ومتابعة تحركاته، واستهدافه على الرغم من وقوفه بين عشرات العسكريين من رتب مختلفة وباللباس العسكري ذاته في مكان لا تتحرك فيه سوى القوات العسكرية. وأخيراً، عدم قدرة الجيش المصري بجميع أفرعه على الوصول إلى المجموعة التي تمكنت من قتل المقدم، حتى هذه اللحظة.
ولفت الباحث إلى أن توقيت العملية، جاء بعد أقل من أسبوع على وقوع خسائر بشرية في صفوف التنظيم، إثر قصف جوي طاول إحدى المناطق شرق مدينة الشيخ زويد، استهدف خلية عسكرية تابعة لـ"ولاية سيناء" تمكنت من تنفيذ هجمات عدة ضد قوات الجيش في منطقة قبر عمير. وجاء رد التنظيم على ذلك في المدينة ذاتها، ومن خلال تنفيذه لاستهدافات عدة ضد قوات الجيش، بالإضافة إلى الاستهداف الأخير، ما يشير إلى استمرار قدرته على مهاجمة الجيش في كافة المناطق، برغم الإنجازات المحدودة التي يحققها الأخير من خلال القصف الجوي غالباً، وليس عبر العمليات البرّية، نظراً إلى التصدي الدائم من قبل التنظيم لكل الحملات العسكرية التي تتحرك في مدينتي رفح والشيخ زويد، وإيقاع الخسائر البشرية والمادية في القوات البرية حال تحركها من الارتكازات والمواقع العسكرية.