يواجه المتظاهرون العراقيون في مدن جنوب ووسط البلاد والعاصمة بغداد، تصعيدا جديدا في عمليات القمع التي سجلت خلال الساعات الماضية، عمليات اختطاف واغتيال طاولت الناشطين، في محاولة على ما يبدو لترهيب المشاركين في التظاهرات ودفعهم إلى التراجع عن ساحات وميادين الاعتصام المنصوبة بالجنوب وبغداد منذ نحو 10 أسابيع.
ويقول ناشطون في بغداد، إن جماعات مسلحة مرتبطة بإيران صعدت عمليات قتل الناشطين، لثنيهم عن الدعوة للتظاهرات ورفض سلطة الأحزاب والمليشيات، حيث ارتفع عدد الناشطين الذين قتلوا خلال الأسبوعين الماضيين في كربلاء وميسان والبصرة وبغداد إلى 7، عدا عن اختطاف نحو 20 آخرين وإصابة 3 نجوا من محاولات اغتيال في كربلاء والعمارة والديوانية جنوبي العراق.
وشهدت العاصمة اليوم الأربعاء، تشييع علي اللامي، وهو مدون وكاتب وشاعر عراقي نشط في التظاهرات أخيرا ببغداد، حيث اختطف مساء أمس الثلاثاء بعد مغادرته ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية، ووجدت جثته في حي الشعب وقد أعدم رميا بالرصاص، بعد يوم واحد من اغتيال فاهم الطائي الناشط في تظاهرات كربلاء.
كما أعلن اليوم عن اختطاف ثلاثة ناشطين جدد هم أمير الأسدي وأحمد الدليمي وعلي كاظم من قبل مسلحين مجهولين ولا يعلم مصيرهم حتى الآن وسط مناشدات من ذويهم للخاطفين، وانتقادات واسعة لوزارة الداخلية العراقية لتحولها إلى جهة إحصاء ضحايا وايصالهم للمستشفيات وترتيب روايات تبعد التهم عن المليشيات ونسبها لجهات غير معلومة، كالطرف الثالث، والمندسين والعصابات المنفلتة دون أن تسميها أو حتى توضح هويتها، وإجراءاتها حيال حماية المواطنين.
وعثر على ناشط فجر اليوم الأربعاء، بعد أن اختطف قبل يومين، وهو يعمل مسعفاً في بغداد، وقد تلقى جسده عدة طعنات. وبحسب مصادر طبية فإن الناشط المسعف محمد غسان على قيد الحياة ونقل بحالة حرجة ويخضع حاليا للعناية المركزة.
ووفقا لعضو في تنسيقيات التظاهرات ببغداد، فإن عددا من الناشطين في بغداد والنجف والبصرة والناصرية تلقوا تهديدات على هواتفهم أو حساباتهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مضيفا في حديث لـ"العربي الجديد"، طالبا عدم ذكر اسمه أن "هناك عناصر مليشيات داخل الساحات تراقب الناشطين، وأيهم أكثر تأثيرا أو التفافا من الناس عليه تضعه ضمن دائرة استهدافها للتخلص منه، حيث الهدف هو ضرب الشخصيات المؤثرة بالتظاهرات لإخافة الآخرين، رغم أن التظاهرات العراقية ككل الجميع فيها قيادي والكل مؤثرون وصوت الواحد داخل ساحات التظاهرات لا يقدر بثمن".
وكشف الناشط عن أن ارتداء الكمامات حتى بدون إطلاق قنابل الغاز "باتت وسيلة للتخفي أيضا حتى تغطي أغلب ملامح الوجه"، مؤكدا أن بعض الشبان الذين تم اختطافهم قبل أيام كان من خلال سيارة "مني باص" كانت تركن قرب ساحة التحرير على أنها سيارة نقل عام، وبعد استقلال الناشطين لها اختفوا وحتى الآن لا يعلم مكانهم".
وطالب الأمم المتحدة بالتأكد من تلك المعلومات عبر التواجد في ساحة التحرير وليس بالاستماع مع قادة الكتل السياسية داخل المنطقة الخضراء.
وتشهد ساحات التحرير والخلاني والطيران والوثبة وجسرا الجمهورية والسنك ومحيط المطعم التركي وبداية شارعي الرشيد والسعدون تظاهرات واسعة بالتزامن مع ترقب جلسة للبرلمان العراقي، يتوقع أن تعرض التصويت العلني على قانون جديد للانتخابات يأتي استجابة لمطالبات المتظاهرين.
النجف تتصدر التظاهرات
في المقابل، فإن البصرة والناصرية والنجف تصدرت تظاهرات الأربعاء في الجنوب العراقي بعد مشاركة واسعة من قبل شرائح مختلفة في المحافظات، حيث شهدت ساحات البحرية وذات الصواري في البصرة والصدرين في النجف والحبوبي في الناصرية تنظيم فعاليات مختلفة ورفع شعارات جديدة تحذر من أي تلاعب أو التفاف في قانون الانتخابات يكون لصالح الأحزاب الحالية، عدا عن تأكيدهم أن القمع لن يحقق طموحات أحزاب السلطة في العودة لمنازلهم.
ووفقا للناشط عبد الرحمن السلطاني في النجف، فإن التظاهرات "تمر بمرحلة مفصلية، حيث تدخل الجماعات المسلحة على خط القمع بطرق بوليسية عبر قتل المتظاهرين وخطفهم بعد صفحة الطعن بالسكاكين ومهاجمة معتصمي السنك والخلاني"
وأضاف السلطاني أنه "في الوقت الذي تراجع فيه القمع الحكومي، فإن قمع الأحزاب تصدر الواجهة ولكل حزب جناح مسلح"، وفقا لتعبيره.
إلى ذلك، شهدت الحلة والسماوة والعمارة والديوانية والكوت والهاشمية والخضر والرفاعي والغراف تجمهرات كبيرة في ساحات الاعتصام والتظاهرات دون أن تخرج للشوارع الرئيسية، بسبب الأمطار وسوء الأحوال الجوية التي تخيم على أغلب مدن البلاد.