زاد القلق في الجزائر بعد إخفاق رئيس الحكومة نور الدين بدوي في أول مؤتمر صحافي له، منذ تعيينه الاثنين الماضي، حيث لم يقدم أية أجوبة للأسئلة السياسية المتعلقة بالراهن والتطورات الحاصلة في البلاد، وهو ما أثار ردود فعل مخيبة من قبل قوى المعارضة التي أعلنت رفضها عرض الحوار الذي أطلقه رئيس الحكومة ونائبه رمطان لعمامرة.
رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب "طلائع الحريات" علي بن فليس، كان أول من عبر عن رد فعل مباشرة بعد انتهاء المؤتمر الصحافي لرئيس الحكومة الجديد نور الدين بدوي، وقال بن فليس في تسجيل مصور عبر فيه عن خيبته في بدوي، "هذا الوزير منذ أسابيع وأيام وأشهر وهو يتنقل بين الولايات من أجل إقناع الجزائريين بأن العهدة الخامسة هي الحل والرئيس هو الحل ولو يذهب الرئيس فلا مستقبل للبلاد، ويعود الإرهابي، ولو طال الوقت لقال لولا الرئيس لن تسقط الأمطار".
وتابع بن فليس "أذكر الشعب الجزائري أنه منذ الاستقلال قاموا بالعديد من قوانين الانتخابات، وأسوأها على الإطلاق القانون الذي وضعه هذا الوزير الذي كان وزير الداخلية وأًصبح وزيرا أول"، مضيفاً "إنه صانع أسوأ قانون انتخابات منذ الاستقلال وبهذا القانون تم تزوير الانتخابات التشريعية والمحلية وأرادوا تزوير الانتخابات الرئاسية التي ألغيت".
وكان بن فليس يعلق على المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة المكلف نور الدين بدوي ونائبه ووزير الخارجية رمطان لعمامرة، ولم يكشف خلاله عن مواعيد محددة للإعلان عن الحكومة الجديدة أو أجندة مؤتمر الوفاق الوطني ولا عن كيفية اختيار المشاركين في المؤتمر.
من جانبه، ذكر عضو تكتل المعارضة ورئيس حزب "جيل جديد" الطاهر بن بعيبش أن تصريحات رئيس الحكومة "غير مطمئنة".
وقال بعيبش لـ"العربي الجديد"، إن "هذه تصريحات تبعث على القلق وتزيد من الشك في أن من هم في السلطة يستمعون فعلا إلى الشارع"، مضيفا "سمعت رئيس الحكومة يكرر أن الرئيس استجاب لانشغالات الشعب والمتظاهرين وقرر عقد ندوة وطنية، والحقيقة أن الشعب لم يطالب مطلقا بندوة وفاق، الشعب طالب برحيل النظام ورموزه".
وأكد بن بعيبش وهو أول أمين عام للحزب الثاني للسلطة، "التجمع الوطني الديمقراطي" عام 1997 قبل أن ينسحب ويتحول إلى المعارضة "تابعت الندوة الصحافية، وحقيقة أعتقد أن الخطاب المسوق له، يدل على حالة تخبط وفشل رهيب، رئيس الحكومة لا يعيش في الجزائر ولا مع الجزائريين، يتحدث عن ندوة وطنية دون أن يقدم آجالا لها ولا للأشخاص الذين سيشاركون فيها، هذا غير معقول ولا كيفيات محددة، وهذا دليل ارتباك، وأعتبر أنهم يضيعون الوقت وفرصا أخرى، أعتقد ان أحسن قرار يتخذه الأشخاص الذين هم في السلطة، يكمن في الرحيل، لأن مطالب الشعب سترتفع في قادم الأيام لتصل إلى حد المطالبة بمنعهم من مغادرة البلاد والدعوة إلى محاسبتهم".
أما القيادي في حزب "العمال"، وعضو الأمانة السياسية للحزب إسماعيل قودارية فذكر أن "رئيس الحكومة أثبت أنه لا يحمل أية أجوبة لأية أسئلة، لا يمكن لحزب العمال والمعارضة أن تتعامل مع حكومة لا تحمل أية مؤشرات ومعطيات عملية".
وأضاف قودارية "أعتقد أن هذا يثبت ما كان يقوله حزبنا من أن القرار السياسي لا يتخذ على مستوى المؤسسة الحكومية"، مضيفا "لا نعرف ما هو مبرر عقد مؤتمر صحافي لرئيس حكومة، الظرف السياسي غير مناسب للتهرب أو المماطلة، الظرف السياسي لا يسمح بهذا التلاعب السياسي، وزيادة الاحتقان والاستفزاز، إذا كان رئيس الحكومة لا يحمل أية أجوبة فيجب عليه ألا يتحدث".
بدوره، أكد المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية"، لخضر بن خلاف لـ"العربي الجديد" أن "رئيس الحكومة صب مزيدا من الغموض على الوضع السياسي، وخروج رئيس الحكومة في هذا الظرف الحساس دون أن يقدم أي تصورات سياسية أو أرضية لحل وتجاوز الوضع الراهن، أمر يعزز القلق ويعطي للمعارضة الحق في مقاطعة خارطة الطريق التي تقترحها السلطة".
واعتبرت حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر في تقدير أولي أنها "خرجة غير موفقة، وهي مخيبة للآمال، وبدون عنوان أو هدف أو رسائل سياسية صائبة، وتثبت أن هناك هوّة كبيرة بين الشعب وصانع القرار، وأن السلطة ليست لها آذان تسمع بها جيدًا صوت الحراك الشعبي المتصاعد، خرجة توقّع على شهادة وفاة هذه الرموز والسلطوية التي يُراد تسويقها في هذه المرحلة، وهي غير مقنعة، ولا تزال تخاطب هذه الأجيال بلغة الخشب".