ليبيا ضدّ الزمن

12 مارس 2017
يراقب الليبيون بصمت ما يحدث من دمار (حازم تركيا/الأناضول)
+ الخط -
يمرّ الليبيون وجيرانهم على امتداد السنوات الست الماضية من إحساس بالأمل مع كل مبادرة جديدة، إلى حالة من الإحباط السريع مع انتكاستها، ودخول الفرقاء في صراعات وكأنها تهدف إلى إسقاط كل شيء وقطع الطريق أمام كل حل ممكن لإنهاء الصراع والوصول إلى توافقات ممكنة... برغم أن الليبيين البسطاء، الذين تلتقيهم في مقاهي ومستشفيات تونس، وحتى بعض نخبهم الثقافية والسياسية، يجتمعون على التشخيص نفسه، برغم خلافاتهم وتموضعهم السياسي الذي فرضته الأحداث، وصراعات الزعامات على بلد أصبح مواطنوه يلعنون نعمة البترول التي دمرته وجعلته مطمعاً للقريب والبعيد.

ولا يختلف الأمر هذه الأسابيع، إذ أجمعت غالبية الأطراف الليبية على المبادرة التونسية، وانتاب كثيرين إحساس بوجود أمل في الطريق، وأن الحل ممكن هذه المرة. ولعل تشخيص رئيس المجلس الأعلى للدولة، عبد الرحمان السويحلي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، كان تشخيصاً إنسانياً أكثر منه سياسي، عندما قال إن الجميع منهك وأن وقت الحوار قد حان، غير أن الأمور عادت لتنتكس من جديد مع الأوهام ذاتها التي قادت إلى الأزمة، أوهام السيطرة على الكل والانفراد بالغنيمة والاستئثار بليبيا.

ولا يخلو الأمر طبعاً من خيوط خارجية تحرك النار من بعيد وتذكيها بين أبناء الشعب الواحد، لإبقاء الأمر على ما هو عليه وإطالة زمن الأزمة إلى أن يحين وقت القطاف. وبرغم أن الجميع خاسر، فإن الجميع أيضاً لا ينتبه إلى أن وقت التنازل للإخوة قد حان، وأنه لا بديل عن الحوار، قبل أن يتهدم البيت نهائياً على رؤوس الجميع، ما يستحيل بناؤه من جديد، إلا بالنار وآلامها. وبين واقع الفشل وآمال النجاح، تسارع السلطات في تونس لمغالبة الزمن. ويتوجه مسؤولوها، في تحركات دبلوماسية مجنونة، لإقناع الخارج قبل الداخل بحتمية الحوار، ومحاولة إنقاذ المبادرة وتجنب الحرب المحتومة. لكن العرب للأسف محكومون للأبد بثأر القبيلة وأوهام الشرف الزائف وأنفة كاذبة، تقودهم إلى حفرة النسيان وتبعية الغاصب، وإن أدى ذلك إلى نهايتهم. وفي هذه الأثناء يواصل الليبيون معاناتهم ويراقبون في صمت ما يحدث من دمار، في انتظار أن تنتهي رهانات المقامرين من الخارج وتستقر الأطماع من الداخل، ويلتقط الجميع أملاً في حوار، لعله الأمل الأخير.
دلالات
المساهمون