أزمة "الكتائب" والاستقالة من الحكومة اللبنانية: إقالة قزي قريباً؟

18 يونيو 2016
قرار الاستقالة استحقاق فعلي يواجهه سامي الجميّل (Getty)
+ الخط -


فتح قرار استقالة حزب "الكتائب" من الحكومة اللبنانية باب المواجهة والانقسامات داخل الحزب؛ فبعد الزيارة التي قام بها رئيس الحزب، النائب سامي الجميّل، إلى السراي الحكومي لإبلاغ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، قرار استقالة الوزيرين سجعان قزي (وزارة العمل) وآلان حكيم (وزارة الاقتصاد) من الحكومة، تبيّن أنّ الوزير قزي يرفض تقديم استقالته وينوي الاستمرار في مهامه الوزارية دون الالتزام بالقرار الحزبي الصادر عن المكتب السياسي الكتائبي.

ويؤكد قزي في اتصال بـ"العربي الجديد" أنه "مستمرّ في عملي في الوزارة والحكومة، على اعتبار أنّ الاستقالة غير نافذة بسبب الشغور في موقع رئاسة الجمهورية (شغور مستمر منذ مايو/أيار 2014)، وبالتالي لا يمكن للاستقالة أن تُقبل دستورياً". ويضيف قزي أنه "ليس من نفع سياسي للاستقالة، وليس عندي أي شعور أنه يمكن للانسحاب من الحكومة في هذه الظروف أن يأتي بأي نتائج إيجابية".

وبات من الواضح، أنّ قيادة حزب الكتائب أصبحت محرجة من موقف قزي، وهو ما دفع في الأساس الجميّل إلى زيارة سلام بنفسه وإبلاغه الاستقالة، على اعتبار أنّ قزي ما كان ليزور السراي في الأصل. في حين يؤكد الوزير، آلان حكيم، لـ"العربي الجديد" التزامه الكامل بالموقف الصادر عن المكتب السياسي في حزب الكتائب بالاستقالة من الحكومة، قائلاً "انسحبت كلياً من وزارتي، وفكرة تصريف الأعمال غير دستورية أيضاً على اعتبار أنّ الحكومة لا تزال قائمة ويمكن للوزير المعيّن بالوكالة أن يتابع ملفات وزارة الاقتصاد".


ومن المقرّر أن ينعقد المكتب السياسي الكتائبي، يوم الإثنين المقبل، لمناقشة رفض قزي قرار الاستقالة واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الخصوص، مع إشارة مصادر تنظيمية كتائبية لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "قزي مخيّر بشكل واضح بين الالتزام بالقرار أو الخروج من الحزب". أي أنّ الوزير مخيّر بين الاستقالة من الحكومة أو الاستقالة من حزب الكتائب. في حين يشير مسؤولون كتائبيون إلى أنّ "الخيار بين استقالة قزي من الحكومة أو إقالته من الكتائب". 


ولدى سؤال قزي عن هذا الواقع وهذه الأجواء، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمور مع حزب الكتائب لم تصل إلى هذه المرحلة بعد وأتمنى ألّا تصل"، مشيراً إلى حرصه الشخصي والسياسي والوطني الكبير على العلاقة مع الكتائب.

ومن جهة ثانية، تشير الأجواء القيادية الكتائبية لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الحزب لن يترك الخيار لقزي، إما يستقيل من الحكومة أو يُقال من الحزب"، وذلك في ظلّ قرار حزبي واضح بإحكام سيطرة القيادة الحزبية الجديدة على مسار الأمور الكتائبية وضبط الأمور التنظيمية فيه.

ويمكن القول، إنّ قرار استقالة الكتائب من الحكومة، وتردّداته السياسية والتنظيمية، هو أول استحقاق فعلي يواجهه رئيس الحزب، سامي الجميّل، منذ انتخابه رئيساً للكتائب في يونيو/حزيران 2015، خلفاً لوالده رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميّل.

ويحاول الجميّل الابن، من خلال هذا الاستحقاق، تكريس قيادته للحزب ووحدة القرار فيه، خصوصاً أنّ هذه المعركة المستجدة مع قزي تأتي، أيضاً، في جانب منها في إطار ما يمكن القول عنه، إنه معركة بين "الحرس الكتائبي القديم" والقيادة الجديد؛ فقزي كان في الأساس مستشار الجميّل الأب وأحد معاونيه الأساسيين والفعليين، وتعيينه في الحكومة الحالية جاء بناءً على رغبة أمين الجميّل، لا سامي الجميّل، الذي كان يفضّل دعم وجه كتائبي شبابي قادر على التفاعل بشكل أكبر ومن زوايا مختلفة مع الناس ومع الملفات، إضافة إلى سعيه إلى تكريس الوجه الشبابي في الكتائب القادر على القيادة والتمثيل. وبالتالي، فإنّ حزب الكتائب بقيادة سامي الجميّل، على موعد تنظيمي مهمّ، يوم الإثنين المقبل، قد تكون نتيجته إقالة قزي من الحزب، على الرغم من كون الأخير أمضى حياته السياسية في كنف هذا الحزب وإلى جانب آل الجميّل.

وفي قراءة أولية لتبعات فصل قزي، إذا تمّت، يوم الإثنين، لا يتوقع المسؤولون الكتائبيون أي ردة فعل تنظيمية معترضة على اعتبار أنّ قزي خالف القرار الحزبي وخرج على إجماع المكتب السياسي الكتائبي. كما أنّ عدداً من المسؤولين في حزب الكتائب يشيرون لـ"العربي الجديد" إلى أنه "ليس لقزي أي حالة حزبية يمكن أن تعترض على أي قرار قد يصدر بحقه، أو أن تقوم بردة فعل سلبية، خصوصاً أنّ قزي قرّر بنفسه وبإصرار عدم الالتزام بالموقف الحزبي".

أما الرئيس الأسبق، أمين الجميّل، فلم يتدخّل بعد لدى أي من الطرفين، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، وكأنها إشارة واضحة أنّ القرار في حزب الكتائب بات بيد سامي الجميّل وحده، وقرار الحزب محصور فقط بهذه القيادة الجديدة.