وتواصل الكتلة النيابية لـ"نداء تونس" التراجع عددياً بشكل غير مسبوق، فبعد أن كان عدد أعضائها 86 نائباً بعد الانتخابات التشريعية للعام 2014، تراجعت بما يفوق ربع أعضائها، فاسحة المجال أمام كتلة "حركة النهضة"، التي تتصدر المشهد البرلماني بـ69 نائباً.
ويرى مراقبون أن تزامن تقديم النائبين شويخ وقسيلة استقالتهما من كتلة "نداء تونس"، مع ارتفاع الاحتقان في محافظة تطاوين، إثر وفاة شاب متاثراً بجروحه، يترجم ضعف حزب "نداء تونس" الحاكم.
وفي السياق، قال النائب خميس قسيلة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "استقالتي كانت مؤجلة، وقد تم اتخاذ القرار منذ فترة، إلا أن الوفاء للمبادئ التي تأسس من أجلها "نداء تونس" حال دون تقديمها، واليوم لم يبق من مبرر للمواصلة والسير عكس مصلحة البلاد".
وأصدر النائبان بيان جاء فيه: "أملت علينا المصلحة الوطنية سنة 2012 الانخراط في تأسيس حركة "نداء تونس"، فأسهمنا في انتشارها والإعلاء من سمعتها ومصداقيتها، وكنا في الصفوف الأولى من داخل المجلس الوطني التأسيسي وداخل هياكل الحركة مع مئات الآلاف من نساء ورجال تونس لتعديل المشهد السياسي وإنجاز الانتصارات الانتخابية لسنة 2014، وحيث أصبح "نداء تونس" جزءاً من أزمة البلاد، وعبئاً ثقيلاً على المواطنين، وجسماً فاسداً لوث الحياة السياسية إلى درجة زعزعة منظومة الحكم، مهدداً مؤسسات الدولة".
وجاء فيه أيضاً: "لم نتوفق في إيقاف نزيف تيار الرداءة والتوريث والفساد السياسي، الذي استشرى وتمكن بزعامة مجموعة متسلطة، موظفة الأجهزة ومستقوية بالحكومة ومواقع النفوذ".
يذكر أنه تم، منذ أيام، استبعاد النائبة ليلى الشتاوي من الكتلة ومن رئاسة لجنة التحقيق حول شبكات التسفير إلى بؤر القتال، ومن عضوية لجنة التشريع العام، ومن جميع المسؤوليات.
وينتظر أن يلتحق القياديان قسيلة وشويخ بصفوف الحزب الجديد الذي أعلن عنه رضا بلحاج أخيراً، وسيكونان ضمن هيئته التنفيذية.
وقال بوجمعة الرّميلي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه سيتمّ الإعلان عن الحزب الجديد، ومن غير المستبعد أن يحمل اسم "النداء الجديد".
وأكد الرميلي أن "الحزب الجديد ستكون له حظوظ وافرة سياسياً، لأن الهيئة التسييرية هي القيادة الرسمية والشرعية للحزب، ولها رصيد وقواعد ومناضلون موجودون في الجهات وسيدعمونها، لأنهم خُذلوا من القيادة الحالية لـ"نداء تونس"، التي أخلّت بوعودها لناخبيها، وأصبحت تحكمها المصالح والتسميات".
وحول دعم هذا الحزب للحكومة أو معارضته، قال الرميلي: "لدينا موقف خاص حول هذه المسألة، إذ إن الأمر غير مرتبط بالحكومة، لأنه يجب تحقيق توافق جدي ومركّز على نقاط مضبوطة وصريحة بين جميع الأطراف السياسية والاجتماعية، والخروج ببرنامج وطني واضح".
وأضاف: "ليس لدينا إشكال مع الحكومة، لكن لا يمكن أن يتواصل اللغط الحاصل اليوم، حيث تمّ الرمي بها في الهاوية"، مشيراً إلى أن "الأطراف الموقعة على "وثيقة قرطاج" انقلبت عليها، والحزب الحاكم على رأسه قيادة انتهازية".
وسيضم هذا الحزب عدداً من القيادات المستقيلة من "نداء تونس"، على غرار عبد العزيز القطي.