مراد زمالي: وكالة دعم الشباب الجزائري وفرت مليون وظيفة

18 ابريل 2016
المدير العام للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب الجزائري
+ الخط -
يقول المدير العام للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب الجزائري، مراد زمالي، إن الوكالة (أنساج) ساهمت في إنشاء نحو 357 ألف مؤسسة مصغّرة شبابية حتى 2015، مشيراً في مقابلة لـ "العربي الجديد":تم منح نحو ثلاثة مليارات دولار كقروض من طرف الوكالة. وهنا نص المقابلة: 

*عرف برنامج الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب "أنساج" رواجاً كبيراً في المجتمع الجزائري، خاصة في أوساط الشباب، هل يمكنكم توضيح ماهية هذا المشروع وأهميته؟
انطلق البرنامج في عام 1996 بعد صدور النصوص التشريعية، وفي عام 1997 بدأ تطبيق البرنامج ميدانياً. وقد لاقى رواجاً واسعاً في أوساط الشباب، كونه جاء بفكرة جديدة. فقبل إقراره، كانت المشاريع الاقتصادية تحتاج إلى رؤوس أموال لإطلاقها، أما الآن فلا يحتاج صاحب المشروع سوى إلى فكرة فقط، إذ إن البرنامج يقدم الأموال والتسهيلات. وقد تزامن المشروع أيضاً مع تحول الاقتصاد الوطني من اقتصاد موجه إلى اقتصاد حر، فكان الهدف من هذا المشروع أيضاً تغيير ذهنية الشباب من نظام الحماية إلى نظام الاتكال على النفس وتحرير المبادرات. وهو ما جعل الشباب العاطل عن العمل يجد ضالته في هذا البرنامج.

*ما هي آليات عمل هذه الوكالة، وكيف يمكن للشباب الاستفادة منها؟
يتطلب أولاً، أن يمتلك الشاب مؤهلا مهنيا وتكوينا يتلاءم مع النشاط الذي يريد القيام به. ثانياً، أن يكون عمره بين 19 إلى 40 عاماً. ثالثاً، أن يكون المتقدم إلى الوكالة عاطلا عن العمل، كما يتطلب منه أن يشارك بنسبة مئوية من ماله الخاص تتراوح بين 1 و2% من قيمة المشروع، بعدما كانت قبل عام 2011 محددة عند 10%، في حال كانت قيمة المشروع 100 ألف دولار. وإذا كانت قيمة المشروع لا تتعدى 50 ألف دولار، فإن نسبة مساهمة صاحب المشروع في حدود 1%، وتقوم الوكالة بإقراض نحو 29% من قيمة المشروع، أما باقي القيمة فتكون عن طريق القروض المصرفية. أما إذا تعدت قيمة المشروع 50 ألف دولار وأكثر فتحدد النسبة بنحو 2%، وتقوم الوكالة بإقراض 28%، أما النسبة الباقية أي 70% فيتكفل بها القرض المصرفي. هناك جزئية مهمة لا بد من ذكرها، وهي أن القرض الذي تقدمه الوكالة لصاحب المشروع دون فوائد، وحتى القرض المصرفي تتكفل الدولة بدفع نسبة الفائدة عن الشاب صاحب المشروع. والوكالة لا ترافق الشاب صاحب المشروع مالياً فقط، بل حتى معنوياً، من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية، وتقديم النصائح والتوجيهات وتأطيره أمام اللجنة المخولة بالموافقة على المشروع المقترح.

*كيف كانت بداية هذه الفكرة، وهل يوجد هناك من سبقكم إلى تطبيقها؟
جاءت فكرة "أنساج" نتيجة تراكم عدة تجارب سابقة، في محاولات الحكومات المتعاقبة للقضاء على أزمة البطالة منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وهو تاريخ بداية تحول النمط الاقتصادي للبلاد. لكن التجارب السابقة لم تنجح، كون المشاريع كانت تمنح على شكل هبات دون جدوى اقتصادية. وبحسب كل الأجانب، الذين زاروا الجزائر واطلعوا على هذه التجربة في تشغيل الشباب، هي تجربة فريدة من نوعها في العالم رغم وجود العديد من النماذج العالمية، التي تسعى إلى مساعدة الشباب إلى الولوج في عالم الشغل.



*ما هي هذه التحفيزات المقدمة، التي يحوزها الشباب المقبل على إقامة مشروعه الاستثماري؟
هناك عدة تحفيزات لصالح الشباب المنخرط في هذه المشاريع، أهمها أن الشاب صاحب المشروع يعفى من الضرائب لمدة ثلاث سنوات بعد انطلاق مشروعه، وإذا وظف شابين أو أكثر، تمدد هذه المدة إلى خمس سنوات في المناطق الشمالية وعشر سنوات في المناطق الجنوبية. ثم إنه يكون معفى من تسديد القروض المصرفية لمدة ثلاث سنوات، ثم بعدها عندما يتمكن من توفير رأس مال مريح في العام الرابع، يشرع في تسديد الديون لمدة خمس سنوات لاحقة. وبعد تسديده للقرض المصرفي يشرع في تسديد القرض الذي قدمته له الوكالة، المتراوح بين 28% و29% من قيمة المشروع.

*منذ شروع وكالتكم في العمل ميدانياً، ما هو عدد المشاريع التي تم تنفيذها، وما هو عدد الشباب الذين انتشلوا بفضلها من البطالة؟ وما هي القيمة المالية التي تم منحها كقروض من قبل الوكالة في هذا الاتجاه؟
لقد تم إنشاء نحو 357 ألف مؤسسة مصغرة شبابية حتى عام 2015، وتم منح نحو ثلاثة مليارات دولار كقروض من طرف الوكالة، أما بخصوص عدد الشباب الذين تمكنوا من الخروج من أتون البطالة، فنحن في انتظار أن يقدم لنا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عدد الشباب الناشطين في هذه المشاريع. ومع أن الرقم متغير وغير ثابت، إذ يمكن أن نجد مشروعاً انطلق بشاب واحد، وهو الآن يشغل أكثر من عشرة شباب، وهناك من يشغل أكثر أو أقل، ولكن ما يمكنني تأكيده أنه في بداية نشاط عمل المؤسسات المستحدثة، فقد تجاوزنا عتبة مليون فرصة عمل، بالنظر إلى عدد المشاريع المسجلة عندنا، بغض النظر عن المشاريع التي فشلت أو نمت أكثر فأكثر.

*تتبع الحكومة سياسة التقشف، برأيكم هل يمكن أن يؤثر ذلك على حجم ونوع المشاريع التي تمنحها الوكالة؟
نحن على مستوى الوكالة، شرعنا حتى قبل الأزمة في إعادة النظر في نوعية المشاريع الممنوحة للشباب العاطل عن العمل. فالدولة هدفها اليوم تنويع الاقتصاد لتتخلص من تبعية النفط كونه، من وجهة نظري، يعتبر نقمة وليس نعمة،. وليس هناك طريق أسهل من الاعتماد على المؤسسات الصغيرة، كونها سهلة الإنشاء، ولا تتأثر كثيراً بالمتغيرات الاقتصادية. ولهذا شرعنا قبل سنتين في إنجاز بطاقة التوزيع الجغرافي للمشاريع المنجزة، في إطار وكالة "أنساج"، وبدأنا في توجيه الشباب نحو المشاريع التي تخلق الثروة ومناصب الشغل.

*ما هي القطاعات التي تركزون عليها في توزيع المشاريع الجديدة على الشباب؟
نركز بالدرجة الأولى على القطاع الفلاحي وتربية المواشي واستصلاح الأراضي، والصناعات الخفيفة، وكل ما يخص الاتصال والإعلام الرقمي، حيث خصصنا منحة بقيمة 10% من قيمة المشروع الاستثماري أي نحو عشرة آلاف دولار لكل من يساهم في إنشاء مؤسسة تتمكن من الحصول على براءة اختراع. وهناك مشاريع سياحية، بالإضافة إلى الصناعات التقليدية خاصة في مناطق الجنوب الصحراوية.


*ما هو عدد المشاريع التي فشلت في الاستمرار والبقاء؟
يسمح التنظيم القانوني الخاص بالوكالة للمصرف في حال تأخر المؤسسة عن دفع ثلاثة أقساط متتالية، أن يقوم المصرف بتقديم الشيكات إلى صندوق الكفالة المشتركة، الذي يضمن القروض، بحيث يقوم بتعويضها للمصرف، عوضاً عن المؤسسات الصغيرة الفاشلة. وبالتالي فإن عدد الملفات الموضوعة لدى صندوق الكفالة المشتركة تقدر بنحو 10% من عدد المشاريع الممولة.

* أشرت إلى أن نحو 10% من المشاريع التي موّلتها الوكالة فشلت، وقد بدأ عدد من أصحاب هذه المشاريع الفاشلة المطالبة بمسح ديونهم، حيث انتظموا في جمعية لرفع مطالبهم. هل هناك تفكير جدي في مسح هذه الديون؟
أبداً. فهذا غير ممكن، لأن مسح الديون يتنافى وروح المقاولات، فمسح الديون يساهم في كسر هذا الجيل ولا يخدمه أبداً، فالشاب قد اختار مشروعاً ووقع عليه، وفي هذا الإطار يقضي تسديده الديون المترتبة عليه. ثانياً هؤلاء الذين فشلوا في مشاريعهم، منهم من حاول وفشل لأسباب خارجة عن نطاقه، هذا أمر طبيعي لكننا لا نعتبره فاشلاً، بل هو نجاح لأنه حاول ولم يركن إلى الخمول. وهناك صندوق الكفالة المشتركة للمؤسسات، الذي يقوم بتسديد الديون المترتبة عليه للمصرف، أما الأجهزة التي اقتناها لتجهيز مشروعه فيتم بيعها في المزاد العلني. في بعض الحالات النادرة، قام بعض الشباب بتحويل أموال القروض وباعوا عتاد وتجهيزات مشاريعهم، في إطار الاحتيال، فهؤلاء لا مناص من متابعتهم قضائياً ومعاقبتهم، لأن هذا العمل غير أخلاقي.

* كيف تقيّمون تجربة الوكالة منذ قيامها؟
منذ تواجدي على رأس هذه الوكالة لأكثر من خمس سنوات، أعتقد أن التجربة ناجحة جداً، ومقياس النجاح لا يتحدد في عدد المؤسسات التي أنشئت أو مجموع الأموال التي أعيدت، والتي تعتبر مؤشرات إيجابية بلا شك. لقد استطاع الجهاز إحداث ثورة في أذهان الشباب، حيث عمل على تغيير الفكر الذي كان سائداً في أوساط الشباب، على خلفية النظام الاقتصادي الماضي، حيث كانت تسود الاتكالية في كل شيء. أما الآن فيتحلى الشباب بروح المبادرة والسعي إلى خلق مؤسساتهم الخاصة، وبالإضافة إلى هذا نلاحظ أن بعض المؤسسات ساهمت في توظيف 20 إلى 25 شاباً بعد اتساع نشاطاتها. وهناك أيضاً بعض المؤسسات التي اقتحمت مجال التصدير إلى الخارج.

*ما هي المشاريع التي حازت حصة الأسد من اهتمام الشباب؟
حتى عام 2012 كانت المشاريع الخدماتية المسيطرة، لكن منذ عام 2013 حتى الآن، نمت مشاريع المقاولات حيث بلغت نسبة زيادتها نحو 300%. ففي 2015، مثلت كل من الفلاحة والصناعة نحو 60% من إجمالي المشاريع.

*على ضوء الأزمة المالية، التي تعيشها البلاد حالياً، هل يمكن أن تشهد وكالة دعم تشغيل الشباب أية تعديلات في قوانينها وتنظيمها، لتتكيف مع هذا الوضع الجديد؟
كما أسلفت الذكر، فإننا على مستوى الوكالة نقوم بتحديث إجراءاتنا القانونية مع المستجدات التي تطرأ على الساحة الوطنية، ومع الأزمة المالية الحالية، نحاول الآن التكيف مع هذه المستجدات، وذلك بالاعتماد على التكوين وتوجيه الشباب ومرافقتهم، وتشجيعهم على التمويل الذاتي لمشاريعهم دون اللجوء إلى الخزينة العامة، فإذا كان الشاب يمتلك المال الكافي لخلق مؤسسته المصغرة ويرغب في الاستفادة من الامتيازات الضريبية التي توفرها الوكالة، فنحن مستعدون لمرافقته ومساعدته في كل ما يحتاجه من الجانب الإداري، وهذا من شأنه أن يكون له تأثير مزدوج، فمن جهة نقضي على نشاط السوق الموازية، ومن جهة نحمي الشباب ونضمن حقوقه الاجتماعية وحقوق عائلته.

تعريف:
مراد الزمالي حاصل على بكالوريوس هندسة من جامعة وهران سنة 1987. مدير عام سابق للصندوق الوطني للعطل المدفوعة الأجر والبطالة المؤقتة في قطاع البناء والأشغال العمومية والمياه. مدير جهوي في عدة ولايات لوكالة تحسين السكن وتطويره "عدل". شغل مناصب إدارية في مجال البناء والأشغال العمومية.

 


المساهمون