فوق الموت...فنيو الكهرباء في اليمن بلا رواتب ولا تعويض

17 اغسطس 2016
عمال الكهرباء يحاولون إصلاح الأعطال المستمرة(محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -
تحصد مهنة تصليح الكهرباء في اليمن أرواح ما بين خمسة وعشرة عمال سنوياً جراء تعرضهم للصعق الكهربائي أثناء عملهم. أما الأسباب، فهي عدم مدّ هؤلاء بالمعدات الكاملة التي يمكن أن تحميهم خلال أداء عملهم، بسبب الاستهتار. وفي حين تعد مهنة هذه الفئة من الأخطر على الحياة، إلا أن رواتبهم تعتبر متدنية في مقارنة مع الجهد الذي يبذلونه والمخاطر التي يواجهونها في كل مهمة يقومون بها. 

رواتب متوقفة ولا من يسأل
إذ في ظل هذه المخاطر التي يواجهها عُمال الكهرباء، يعانون واقعاً مريراً يتمثل في إيقاف رواتبهم الشهرية، كما هو حال العامل محمد الصبري، ويقول لـ "العربي الجديد": "لم نعد نفكر بالحصول على أية امتيازات أو تأمينات أكثر من تفكيرنا بالحصول على راتب شهري".


ويشكو عُمال وموظفو المؤسسة العامة للكهرباء في اليمن من عدم دفع مؤسستهم أجورهم الشهرية في ظل توقف أعمال تصليح الكهرباء منذ حوالي العام ونصف العام، ووفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة التخطيط اليمنية، التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن 90% من اليمنيين لا يحصلون على الطاقة الكهربائية، وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي لم تتمكن المؤسسة العامة للكهرباء من تحقيق أية إيرادات. ووفقاً للبيانات الرسمية فإن 70% من موازنة المؤسسة العامة للكهرباء تتجه لتغطية تكاليف الوقود والزيوت.

أما النقابة العامة لعُمال وموظفي الكهرباء والطاقة، فتشرح أن الجهات المعنية في الدولة تطالب المؤسسة العامة للكهرباء بتسديد رواتب موظفيها كونها مؤسسة إيرادية، إلا أن المؤسسة تقف عاجزة إزاء ذلك نتيجة توقف إيراداتها. وتلفت في بيان لها إلى "أن من واجب الدولة تحمل مسؤوليتها تجاه موظفي قطاع الكهرباء وأن يتم إدراج مرتباتهم ضمن اعتماد وزارة المالية إلى أن ينتهي الظرف الاستثنائي الذي يمر به البلد".

ويقول المهندس خالد سلام، وهو مدير الأعمال الميدانية في المؤسسة العامة للكهرباء، إن العُمال يتعرضون للصعق الكهربائي خصوصاً في شبكات التوتر العالي والمتوسط وفي محطات التحويل. ويؤكد سلام على أن متطلبات السلامة المهنية لعُمال الكهرباء متوفرة من "أحذية، وخوذ، حزام أمان، ملابس عازلة، نظارات، وإسعافات أولية، إلا أنها ليست متكاملة.
ويشير سلام إلى أن عُمال الكهرباء لا يتمتعون بالتأمين المتعلق بحوادث العمل بالكهرباء. ويضيف: "إن التحديات التي تواجه عُمال الكهرباء تتمثل في اعتداءات المواطنين على شبكة نقل الطاقة، إضافة إلى الربط العشوائي، وكذلك تهالك الشبكات والأعمدة نتيجة عوامل التعرية المختلفة والاعتداءات المتكررة التي تطاولها من قبل جماعات تخريبية".

من أخطر المهن
"قائمة التعليمات والإرشادات تضعها المؤسسة العامة للكهرباء على حائطها"، يقول أحد المسؤولين في المؤسسة العامة للكهرباء لـ"العربي الجديد". ويشرح أن تطبيق هذه التعليمات يتم تحت إشراف الإدارة العامة للسلامة في المؤسسة، التي يجب أن تراقب حسن تطبيقها، ولا يتم السماح للفنيين بالعمل إلا بعد سلسلة من الإجراءات المتعلقة بالسلامة.

ولكن، لم يخف المسؤول في المؤسسة، والذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هناك عمالاً يتعرضون لحوادث مختلفة منها ما يؤدي بهم إلى الموت وخاصة الفنيين منهم، ويُرجع أسباب ذلك إلى ما يسميه باللامبالاة من قبل بعض العُمال للالتزام بتعليمات السلامة، ويؤكد أن المؤسسة تعمل
وفق إمكاناتها المتاحة للحفاظ على سلامتهم.

ولكن المهندس في المؤسسة العامة للكهرباء في صنعاء فؤاد دبوان، يؤكد لـ "العربي الجديد" على أن "المخاطر التي تواجه العاملين في الكهرباء لا تقتصر على تلك الناجمة عن إصلاحات أعمدة الكهرباء، بل هناك مخاطر كثيرة يتعرض لها العاملون في مجال التركيب والصيانة والتشغيل لشبكات الكهرباء بمستوياتها المختلفة". ويلفت دبوان إلى أن مهنة العمال على الخطوط لنقل الطاقة الكهربائية تُصنف من ضمن أخطر المهن في العالم.

وفي السياق ذاته، يؤكد دبوان: "حصلت عدة حوادث، وتوفي فنيون بسبب عدم إتباع إجراءات السلامة التي هي إجراءات عالمية كإجراءات الطيران، لكن تحصل فيها العديد من المخالفات".

ويتابع: "الفرق العاملة في خطوط نقل الطاقة الكهربائية تتقاضى رواتب شهرية تتساوى مع مختلف موظفي الدولة ووفق لوائح وقوانين الخدمة المدنية". ويشرح أنه هناك امتيازات مالية جيدة تُعرف "ببدل مخاطر" اُعتمدت مؤخراً لهذه الفئة العُمالية التي تواجه المخاطر، إلى جانب التأمينات التي وضعت لها المؤسسة العامة للكهرباء إدارة مختصة لمتابعتها.
إلا أن المهندس خالد سلام يؤكد على أن الرواتب متدنية هيكلياً، حيث كانت تتم معالجة هذا الموضوع من خلال صرف بدلات مختلفة لا تدخل في أساس الراتب، إلا أن هذه البدلات تسقط في حالة الظروف المادية الصعبة للمؤسسة أو في حال تمت إحالة الموظف إلى التقاعد.
دلالات
المساهمون