مهن هامشية في المغرب تبيض ذهباً لأصحابها

06 ابريل 2015
يكثر العمل في محطات النقل (عبدالحق سنا/فرانس برس)
+ الخط -
تراه يتنقل بين حافلات النقل العمومي، بسرعة وخفة، يتأكد من امتلاء الحافلة قبل انطلاقها، يتناول بضعة دراهم ثم يغادر لحافلة أخرى. هذا هو حال خالد (28 عاماً) الذي يعمل ساعياً في محطة حافلات النقل في العاصمة الرباط، يقول: "أنظم سير الكثير من الحافلات في المحطة، وأتقاضى أجري".

إن من يرى خالد بثيابه الرثة وقبعته المهترئة، يعتقد أن هذا الشاب يعيش أوضاعاً مالية مزرية لكنه في واقع الحال، يستطيع أن يكسب أجراً شهرياً يفوق أضعاف ما يتقاضاه موظف عمومي، فعمل خالد ساعياً في محطة الحافلات يدر عليه يومياً أكثر من 50 دولاراً. مهنة خالد التي يعتبرها الكثير مهنة هامشية تدر على صاحبها دخلاً شهرياً يصل إلى 1400 دولار، وهو أجر يصل إلى ضعف أجر موظف حكومي. يؤكد خالد أن عمله ليس سهلاً، فهناك أولاً المنافسة بين مختلف الشباب في المحطة، حيث يتطلب الذكاء، والحذر حتى لا يفقد الشاب عمله في المحطة.

أعمال نشطة
بعيداً عن محطة الحافلات وصخبها، ننتقل إلى مكان حيوي آخر في العاصمة وهو باب الأحد الشهير الذي يوجد في قلب العاصمة، إذ تعتبر هذه المنطقة القلب النابض للرباط بسبب تواجد العديد من الأسواق والمتاجر التي يقصدها جل سكان العاصمة، ووسط هذا الازدحام، تلفت انتباهك عربة بسيطة رص عليها البرتقال، وصاحبها منهمك في تحضير العصير للزبائن الذين يتحلقون حول العربة البسيطة بينما آخرون يقفون في الخلف في انتظار دورهم.

"الموقع هو نقطة قوتي، فأنا في مكان يمر منه عشرات الآلاف من الناس يوميا" يقول رضا صاحب عربة لبيع عصير الليمون، ويؤكد أن عربته أصبحت مزاراً لمختلف زائري منطقة باب الأحد. بيع رضا كأس عصير الليمون بمبلغ 0.4 دولار، ونظراً لكونه يتعامل يومياً مع المئات، فإن معدل الدخل اليومي لهذا الرجل الأربعيني قد يصل إلى 60 دولاراً. وترتفع هذه المداخيل في فصل الصيف حيث يقبل الناس على شرب العصير بكثرة بالإضافة إلى توافد السياح على هذه المنطقة الشهيرة في العاصمة.

أما بالنسبة لتكاليف هذا "المشروع"، فيؤكد رضا أن التكاليف بسيطة جداً، خاصة وأن أسعار الليمون ليست مرتفعة، وهو لا يدفع ثمن إيجار محل أو ما شابه.

في الفترة الاخيرة، بدأت تغزو السوق المغربي الدراجات الصينية ذات العجلات الثلاث، والتي وفرت العديد من فرص العمل. خالد يملك الدراجة "ميسي" حسب ما يروق له أن يسميها. يعمل سائقاً في سوق الجملة في مدينة سلا حيث يكثر الطلب على الدراجات الثلاثية لنقل البضائع، يبدأ خالد العمل مع ساعات الصباح الأولى ولاينتهي إلا في المساء عندما يغلق السوق أبوابه". يقول خالد إنه يتقاضى 3 دولارات للرحلة الواحدة. وكمعدل عام، فإن خالد يقوم على الأقل بـ20 رحلة يومية، ليصل دخله اليومي إلى 70 دولاراً يومياً.

يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الواحد المحمودي أن القطاع غير المهيكل أصبح يشكل ثروة حقيقة، تصل عوائدها إلى 28 مليار درهم سنوياً، فقد "ساهمت الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم خلال السنوات الماضية وأثرت على المغرب في تطوير هذا القطاع بمعدل يصل الى 6.7%". ويشير إلى أن حجم الإنتاج السنوي لهذا القطاع يصل إلى 10 مليارات درهم، وهي "قدرة إنتاجية ضخمة لكنها غير مفيدة للاقتصاد المغربي، فهي لا تساهم في رفع مداخيل الدولة.

ويلفت عبد الواحد إلى أن هذا القطاع يوفر مداخيل ضخمة بالنسبة لبعض المواطنين، وهو ما يفسر إقبال شريحة واسعة من المغاربة على أنشطة تجارية واقتصادية غير مهيكلة ولا تدخل في إطار النسيج الاقتصادي المغربي. ويضيف: "سجل القطاع غير المهيكل أعلى نسبة نمو مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى، إذ تتراوح نسبة نمو هذا القطاع ما بين 6 و10% سنوياً ليساهم بذلك بنسبة 14.3 في الناتج الداخلي الخام".

إقرأ أيضا: داعش والنفط يقوضان القدرة الشرائية للمواطن العراقي
المساهمون