مخاطر ليبيا: العمال ضحايا إرث القذافي والفوضى

27 ابريل 2015
عمال ليبيا يعانون من ضعف الحركة النقابية (أرشيف)
+ الخط -
حمل النظام الشمولي السابق في ليبيا شعارات زائفة أبرزها مقولة "شركاء لا أجراء"، وتحت هذا الشعار جرى تهميش العامل الليبي، فلم تكن له نقابة تأتي له بحقوقه ولا تصنع له مكتسبات وظيفية، إلى أن أصبح وحيداً يصارع أصحاب العمل وغياب الحماية الرسمية. وبعد الثورة الليبية، ودخول البلاد في حرب تزيد اتساعاً، لم يتغيّر حال العمال، ولم تتحسن ظروفهم.

إلا أن ما يحصل في ليبيا يبقى في ليبيا، إذ قلما يتم التطرق الى وضع المجتمع والقوى العاملة، وتختصر القضايا بالسياسة والصراعات. إذ إن من أهم تحديات العمال في ليبيا هي العزلة التي كانوا يعيشونها بعيداً عمّا يدور حولهم في العالم العربي والدولي، إضافة إلى عدم وجود نقابات عمالية فاعلة أسوة ببقية دول العالم تمثلهم وتعرّفهم على حقوقهم وواجباتهم وتدافع عنهم.

وما زاد من المعاناة، ضعف التعليم والإعداد المهني الذي كان سائداً، وابتعاد الليبيين عن المهن اليدوية الصعبة وتركزها بأيدي العمالة الوافدة، ناهيك عن الرواتب المتدنية، وكذا ضعف الضمانات، من تأمين صحي وتعويضات نهاية خدمة تكفل لهم مستوى مقبول من العيش... واقع أدى إلى انخراط عدد كبير من الشباب الليبي في السوق السوداء خلال السنوات الماضية، ودخولهم إلى التشكيلات المسلحة التي تغدق عليهم الأموال من دون جهد إنتاجي.

ويقول عدد من النقابيين إن ضعف الأجهزة التدريبية والإعدادية يساهم في عدم الكشف عن الكثير من المهارات التي تتوافر لدى الأجيال الشابة في ليبيا. في المقابل، تعتبر التشريعات معادية لحقوق العمال، ومنها قانون العمل الليبي الذي يتضمن الكثير من البنود التي لا تنصف العامل الليبي ولا تحقق له مكتسبات ولا ضمانات يجب أن يتمتع بها.

وبرغم ضعف الحركة النقابية إلى حد كبير جداً، إلا أن الصراع يتفاقم بين النقابات العمالية في البلاد، والتي لا تتوحد في تكتل ضاغط لحماية العمال ورفع همومهم، لا بل تتشرذم وتسود بينها خلافات حادة في ما يتعلق بتمثيل ليبيا في اتحاد العمال العرب. وكل من هذه النقابات يسعى للظهور في الواجهة، بدلاً من النزول الى الشارع والضغط على السلطات لحماية الليبين.

ويشير نقابيون إلى أن حدة الأزمة العمالية في ليبيا تزيد اتساعاً، وذلك بعدما جرى إغلاق الكثير من المصانع والمحال وصرف العمال منها، من دون أن يتوافر لهؤلاء أي غطاء نقابي، إضافة إلى عدم الالتزام بحد أدنى للأجر، ولا بساعات عمل مناسبة، ليصبح العامل الليبي مجرد آلة مجردة من أي حق، ومحرومة ممّن يرفع مطالبها التي يتصدّرها تضخم الأسعار وعدم القدرة على تلبية حاجات الأسر وتوفير التأمين الصحي.

وفوق كل هذه الأزمات، تتأخر الرواتب لأشهر طويلة، نتيجة انقسام الدولة إلى حكومتين، واستمرار الصراعات والنزاعات، التي تؤثر على المالية العامة، ما يدفع الليبيين للاتجاه نحو العمل في أكثر من وظيفة، أو الهجرة خارج البلاد، أو الاستدانة وتراكم المستحقات.
في ليبيا أزمة كبيرة، ضحيتها آلاف العمال، والمشكلة تزيد صعوبة بسبب ضعف الأطر النقابية التي يمكن أن توحّد المطلب العمالي، وبسبب استمرار الأزمة السياسية والأمنية منذ سنوات.

إقرأ أيضا: مطالب الأردنيين البديهية: نريد العمل اللائق
دلالات
المساهمون