التعاونيات: واجهة التنمية وملاذ المهمشين لاحتراف الاستثمار

18 مايو 2015
لجأ الفلسطينيون للتعاونيات لمواجهة الاحتلال ومقاطعة منتجاته (العربي الجديد)
+ الخط -
تعتبر التعاونيات الاقتصادية واجهة للتنمية، وساحة لخلق إطار اقتصادي صغير، يضمن تثمين المنتجات، وتسهيل عملية التسويق، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاعات مختلفة، برأسمال صغير جداً، لا يتجاوز في المتوسط الألف دولار عند انطلاق نشاط التعاونية.

مشاريع الفقراء
ويقبل ذوو الدخل المحدود، وكذا الفلاحون الصغار، والصناعيون التقليديون، بشكل كبير على تأسيس تعاونيات صغيرة، تعمل وفق نموذج اقتصادي تضامني وتكافلي. ويرى المحللون أن هذا الشكل من المأسسة، مكن شرائح عريضة داخل المجتمعات العربية من كسب نقاط قوة في تصريف منتجاتها، بعد ذلك استطاعت تكوين سلاسل إنتاج صغيرة، ترفع قيمة المنتج إلى أكثر من الضعف، عوض الاستعانة بوسطاء يشترون المنتجات نفسها بأثمنة بخسة، لتصريفها في الأسواق.


وقال منسق الملتقى الدولي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني حسن ضفير، إن التوجه الدولي العام يسير نحو مأسسة عمل التعاونيات الاقتصادية، والبحث عن فرص تكامل فيما بينها، وذلك عبر تنظيم ورشات ولقاءات دولية مكثفة، غايتها الاطلاع على تجارب مختلف الدول، ورصد الصعوبات التي تواجه التعاونيات الاقتصادية العاملة في العديد من المجالات.

وأضاف حسن ضفير في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن الملتقى الدولي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، يسعى، ولأول مرة من خلال برنامج يشتغل عليه منذ أكثر من سنة، إلى "طرح إطار مرجعي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في ظل غياب أي إطار موجه للفاعلين في المجال، خاصة في المنطقة العربية والمغاربية".

وأوردت "اللجنة الاقتصادية والاجتماعية" في الأمم المتحدة في تقرير صدر عنها أخيراً، أن التعاونيات الاقتصادية في العالم العربي "تعاني من سيطرة وتحكم التوجهات السياسية"، وأضافت أن هذا الوضع يحد من نشاطها وتطورها لصالح الفئات الهشة.

وذكر التقرير ذاته، أن لبنان يعرف نشاط أكثر من 1400 تعاونية، 799 منها تشتغل في المجال الزراعي. وأوضح المصدر ذاته، أن المنطقة العربية عرفت وإلى غاية سنة 2010 الاعتراف الدولي بـ 78 من التعاونيات، 73 منها تتركز في دول فلسطين، الأردن، لبنان، ومصر.

غياب سياسات واضحة
وعن التوجه العربي تجاه دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، شهدت القمة العربية المنظمة أخيراً في مصر، تقديم وزراء الاقتصاد والمال العرب ثمانية ملفات تهم تطوير الاقتصاد الاجتماعي. وإصدار توصية تتعلق بمتابعة تنفيذ مبادرة مملكة البحرين وتتعلق بـ "تطوير المشروعات المنزلية ومشروعات الأسر المنتجة في الدول العربية".


وتعليقاً على السياسات العربية تجاه التعاونيات الاقتصادية، قال المدير التنفيذي لشبكة المنظمات غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد، إنه: "ليس هناك سياسات حاسمة وواضحة تجاه دعم المؤسسات الاقتصادية التضامنية والاجتماعية". وبرر موقفه هذا في تصريحه لـ "العربي الجديد"، بغياب تشريعات شاملة تعزز دور التعاونيات في النسيج الاقتصادي العربي، ما يجعلها، حسب المتحدث ذاته، من دون مردود قوي، ولا تستجيب لحجم التطلعات، ولا تستطيع كذلك المساهمة في حل الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية.

وأوضح عبد الصمد، أنّ الاتجاه الدولي العام يشجّع على جعل التعاونيات الاقتصادية الاجتماعية بوابة لمحاربة التهميش والاقصاء وكذا فرصة للتخفيف من البطالة، ويعول عليها كذلك في خلق فرص استثمارية لفائدة الشباب والنساء. لكن، وفق عبد الصمد، تظل هذه الأهداف محدودة خلال التنفيذ، نظراً لغياب المواكبة في الدول العربية، بسبب عدم توفير مناخ استثماري ملائم، يساعد الفاعلين الاقتصاديين الاجتماعيين على الاستمرار والإنتاج.

وشدد المدير التنفيذي لشبكة المنظمات غير الحكومية للتنمية، على أن ما تحتاجه التعاونيات الاقتصادية، يكمن في تسهيل التمويل أولاً، ثم التركيز على الجانب التكويني في تسيير الشركات وتدبيرها، ومن ثم تسهيل عملية ولوج الأسواق المحلية والإقليمية. وأضاف: "يجب أن تتوافر للتعاونيات الإمكانات المناسبة من مقرات عمل وآليات للإنتاج والتصنيع، كي تستطيع في سنواتها الأولى مقاومة تحديات الأسواق، وعدم الاكتفاء بمنحها مساعدات مالية وقروض غير مضمونة الربح خلال توظيفها".


التعوانيات لمواجهة الاحتلال
وحكت عضوة جمعية "معاً" الفلسطينية إيمان أبو صالح لـ "العربي الجديد"، عن تجربة ناشئة في مجال تأسيس التعاونيات الاقتصادية حيث قالت إن هذا الخيار أصبح المنفذ الوحيد لمواجهة الاحتلال الاقتصادي الإسرائيلي، وتطبيق مبدأ مقاطعة المنتجات التي يُغرق بها الاحتلال الأسواق الفلسطينية في ظل غياب البدائل.

وأوضحت المتحدثة ذاتها، أن الشعب الفلسطيني يعاني من معدل فقر يبلغ 25.8% ونسبة بطالة تتجاوز 25%. ولأن القطاع الزراعي الفلسطيني يعتبر العمود الفقري للنشاط الاقتصادي الفلسطيني، فكرت جمعيتها في البحث عن سبل تجميع جهود المزارعين في إطار تعاونيات اقتصادية زراعية، وذلك بغية تحسين دخل 11.5% من القوى العاملة الفلسطينية في المجال، ومن بينها 40% من النساء.

أرقام:
30 ألفاً، هو عدد التعاونيات الاقتصادية الاجتماعية العربية، بحسب تقارير دولية، يتمركز نشاطها داخل دول المغرب والأردن وفلسطين ولبنان ومصر.

42: هو عدد التعاونيات في تونس، يشتغل 13 منها في القطاع العمومي، و17 في شبه العمومي، و12 في القطاع الخاص، وتعود انطلاقتها للعام 1954.

إقرأ أيضا: معصرة الجبريني التقليدية... تاريخٌ حاضر
المساهمون