مصر "قلعة القطن" تغرق بواردات الملابس الجاهزة

23 مايو 2016
المنتجات الرديئة تغزو السوق المصرية (Getty)
+ الخط -
كانت قديماً تسمى قلعة صناعة الملابس الجاهزة، وكان القطن المصري من أبرز وأهم المواد المصدرة إلى الخارج، إلا أن الحال تبدل اليوم، وباتت مصر دولة مستوردة للقطن، بدل تصديره. بحسب الأرقام، تتخطى فاتورة الملابس الجاهزة المستوردة إلى مصر مليارات الدولارات، حيث تم استيراد ملابس بقيمة تصل إلى مليارين و892 مليون جنيه في العام 2014، فيما بلغت قيمة ما استوردته مصر في الأشهر الثلاث الأولى من العام الماضي، نحو 612 مليون جنيه، أما ملابس الأطفال، فقد سجلت الواردات منها ما قيمته 1.2 مليار جنيه في العام 2014.
ومن اللافت، أن البلد الذي يستورد ملابس جاهزة بمليارات الدولارات، يقوم في الوقت نفسه، بإقفال الشركات والمصانع العاملة في هذا المجال، حيث تم إغلاق نحو 84 مصنعاً، ويسعى أيضاً إلى إغلاق المزيد مثل شركة مصر لغزل المحلة.

يقول القيادي في شركة مصر لغزل المحلة وجبهة حماية صناعة الملابس الجاهزة كمال الفيومي: "تتمتع مصر بقطن عالي الجودة، وأيد عاملة ماهرة، ورغم ذلك، فإن حجم استيرادها للملابس الجاهزة ارتفع كثيراً خصوصاً من الصين وتركيا، وهي ملابس رديئة". ويعلل الفيومي ذلك، بغياب الرؤية الاستراتيجية لدى الحكومات المتعاقبة في تطوير هذه الصناعة الأساسية في مصر.
ويلفت الفيومي إلى أن الحكومة وللحد من قيمة ما تستورده، وضعت بعض القيود على استيراد الملابس، دون أن تضع خططاً حقيقية لتطوير الصناعات في مصر، الأمر الذي فتح المجال واسعاً أمام انتعاش السوق السوداء والتهريب.
أما رئيس شعبة الملابس الجاهزة، يحيي زنانيري فيقول: "إن مصر كانت من أكبر الدول التي تصدر الملابس الجاهزة، خاصة الملابس القطنية، والتي وصلت في فترة ما قبل الثورة إلى 12 مليار جنيه، إلا أنه بعد الثورة، بدأت تنهار هذه الصناعة، بسبب رداءة المنتج، وغياب خطوط الموضة العالمية عن الشركات".
يشير زنانيري إلى أنه ورغم وجود جامعات مصرية للتفصيل والموضة، إلا أن مصر لا تستطيع إنتاج خطوط للموضة، حيث تقتصر الصناعات فقط على المنتجات التقليدية مثل الملابس القطنية والداخلية.
وعن قرار الحكومة الحد من استيراد الملابس الجاهزة، يؤكد زنانيري أن تلك الحركة ليست كافية، لأن الغالبية العظمى من الملابس تأتي مهربة ولا تخضع للرسوم الجمركية، ولا تستفيد منها الدولة، معللاً انتعاش سوق التهريب بطول الإجراءات القانونية لخروج المنتج من الجمارك، فضلاً عن رفض بعض السلع نتيجة عدم جودتها، ما يجعل تهريبها الوسيلة الآمنة الوحيدة للمستوردين.

وبحسب الزنانيري، يواجه المنتج المحلي تحديات كثيرة، منها، ارتفاع أسعار العملة الصعبة وخاصة الدولار الذي وصل في السوق السوداء إلى نحو 11 جنيهاً، ما يعني زيادة قيمة مدخلات الصناعة وارتفاع أسعار الطاقة، فهذه العوامل، أثرت بصورة واضحة على صدارة المنتج المحلي في ظل منافسة شديدة من قبل المنتج الصيني والتركي.
تقول مديرة مصنع فينوس للملابس الجاهزة، منى حسان: "إن ارتفاع أسعار الدولار، وارتفاع أسعار الأيدي العاملة الماهرة في مجال الملابس الجاهزة، عوامل أدت إلى إغلاق الشركات، أو خفض خطوط الإنتاج لأكثر من النصف، بالإضافة إلى أن الغالبية العظمى من المحلات أصبحت تعتمد بصورة أساسية على السلع المهربة من الصين وتركيا"، مشيرة إلى أن سوق الملابس الجاهزة، تعاني من حالة ركود تصل إلى 75%. وتؤكد حسان أنها بصدد إغلاق مصنعها والاعتماد على الاستيراد من الخارج، لأن المنتجات المستوردة تلقى قبولاً، كما أن تكلفتها ليست مرتفعة أسوة بالتكاليف التي تدفع للمنتج المحلي.
وبحسب حسان، فإن العديد من المصانع بدأت بإعداد الخطط لتصريف الإنتاج، عن طريق تخفيضات واسعة لجذب المستهلكين ورغم ذلك، لا تزال البضائع مكدسة في المخازن، بسبب ضعف قدرة المصريين الشرائية.

يقول عضو رابطة مستوردي الملابس الجاهزة في مصر محمد فوزي: "إن مصر كانت من الدول المصدرة للملابس الجاهزة، إلا أن تدهور خطوط الإنتاج، وتراكم العمالة في شركات القطاع العام، وارتفاع تكاليف الإنتاج، دفعت بمئات المصانع إلى إغلاق أبوابها"، مشيراً إلى أن انخفاض تكاليف الاستيراد وانخفاض أسعار المنتج المستورد ورواجه في الأسواق المصرية، عوامل شجعت التجار للاستيراد. ويضيف فوزي: "لا يقتصر الأمر على الملابس، بل أيضاً يصل إلى المنتجات الغذائية، وغيرها من المواد التي يمكن إنتاجها محلياً". وعن سوق تهريب الملابس الجاهزة، يقول فوزي: "تحاول الدولة مواجهة هذه الظاهرة، لكنها لم تنجح بصورة كاملة، لاعتماد المهربين على أساليب جديدة ومتنوعة".



المساهمون