خاص"جيل": حقيقة ما يجري داخل الإخوان في أكتوبر ونوفمبر

16 نوفمبر 2015
أحمد عبدالرحمن رئيس مكتب إخوان الخارج (فيسبوك)
+ الخط -
بات الإخوان، مع كل محاولة حقيقية تبذل من أجل تحسين وضعها الداخلي، والتفكير في خطوة أمامية نحو بناء ثوري وفكري ووطني جامع، يواجهون جيوبا بداخلها تسحبها لمربع الصراع الداخلي، بل إن هذه الممارسات تدفع القريبين من المشهد إلى أن يتشككوا ليس في النوايا فقط، بل أن يتشككوا في ما هو أبعد من ذلك بكثير، ولعل ما يحدث الآن بشكل خاص من قيادة كيان "رابطة الإخوان" نموذج لهذه الحالة.


ورغم أن الأزمة بالجماعة في الداخل قد هدأت قليلا إلا أن الأزمة في الخارج قد اشتعلت، وهي أزمة  قد أشرت إليها في مقالي السابق (طلاب الإخوان في السودان: "يسقط الكفيل")، في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فرابطة الإخوان في "بريطانيا" برئاسة إبراهيم منير تدير منظومة صراع جديد مع مكتب الإخوان في الخارج، وقررت انتزاع صلاحياته، ووقف التعامل معه، وعدم الاعتراف به، وإحالة كل المتعاونين معه إلى التحقيق.

منذ بداية الأزمة، تقريبا في شهر مايو/أيار الماضي، ومحمود حسين، الأمين العام السابق للجماعة ، بمعاونة كل محمد الحلوجي، ومحمد البحيري، عن مكتب الرابطة في السوادن، ومحمد عبدالوهاب، مسؤول الرابطة في قطر – مالك موقع علامات أون لاين، ومحمود الإبياري، عضو الرابطة فيث بريطانيا، يجتمعون بشكل دوري منتظم في إسطنبول لبحث كيفية ما أسموه "استعادة الجماعة ووقف المنفلتين والخارجين عن فكرة الإمام البنا".

وبالعودة إلى قرار إنشاء مكتب الإخوان في الخارج في أبريل/نيسان الماضي، فإن مصدر القرار هو مكتب الأزمة "الإدارة العليا"، وهو مكتب مكلف بإدارة ملفات "الإعلام والحقوقي والسياسي" نظرا لأن تقييم الإدارة حينها أن مكتب رابطة المصريين بالخارج بقيادة إبراهيم منير سلبي للغاية، وأنهم لم يتفاعلوا بشكل جيد في الملفات الثلاثة السابق ذكرها، ولتكرار افتعال أزمات إدارية وتنظيمية من دون داعٍ.

وطبقا للائحة الرابطة فإن مكتب الإرشاد داخل مصر هو الذي يشرف عليها مباشرة، كما أنه الذي كلفها بممارسة مهامها الموكلة إليها في لائحتها التأسيسية، كما أن مكتب إدارة الإخوان عقب الانقلاب هو الذي مدد لهيئة مكتب الرابطة عملها عاماً آخر، بعدما انتهت مدته في 2014.

وبعد هدوء الأزمة داخل الجماعة في مصر واستقرار الأوضاع قليلا، بدأت الأزمة بين مكتب الخارج والرابطة في الظهور إلى السطح، وحلاًّ للأزمة أرسلت الإدارة العليا المشكلة حديثا في داخل مصر رسالة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيها مجموعة من القرارات لكلٍّ من مكتب الخارج والرابطة أهم نصوصها:

1- أن المكتب الخارجي نشأ بقرار من إدارة الداخل، وذلك لأداء مهمة نوعية. استمرار المكتب الخارجي أو عدمه هو قرار الداخل.

2- يتم وضع آلية للتنسيق بينه وبين مكتب الرابطة، بحيث تعينه على أداء مهامه وتزيل المعوقات من أمامه، ويشرف الداخل على آلية التنسيق ومساحة التشاور تلك.

3- مرجعية المكتب الخارجي للداخل، وهو جهة الإشراف والتوجيه، وهو جهة الاعتماد لقراراته الأساسية.

4- يوفر مكتب الرابطة الأفراد اللازمين لمكتب الخارج، لكي يؤدي مهمته، وكذلك باقي الإمكانيات المطلوبة.

5- يقدم المكتب الخارجي خطة عمله والموازنة المطلوبة، لمكتب الرابطة لإبداء ملاحظاته، وترسل الخطة والموازنة (مع ملاحظات الرابطة) إلى الداخل للموافقة وقرار الداخل ملزم للرابطة ولمكتب الخارج بهذا الشأن.

6- مكتب الخارج مسؤول (بالتنسيق مع كل الجهات المعنية، سواء داخل أو خارج الإخوان) عن المهام الموكلة إليه والمعتمدة في خطته، وليس مسؤولاً من الناحية التربوية أو المعيشية أو الإدارية عن الإخوان المصريين المتواجدين في الخارج بعد 7/3، فهم تابعون لإشراف الرابطة من هذه الناحية.

7- تعامل الرابطة مع المكتب الخارجي، وما قد ينشأ فيه من بعض الملاحظات، ترجع فيه الرابطة إلى مكتب الداخل، وقراره ملزم للاثنين (الرابطة ومكتب الخارج).

8- على الجهة العليا المشرفة على الرابطة حالياً، والتي تقوم بإدارتها، تقديم خطتها للجنة الإدارة الحالية في الداخل لعرضها على الشورى العام للاعتماد.

9- في حالة نشوء مشاكل أو منازعات بين الأطراف في الخارج، يتم تشكيل لجنة تحقيق لإجراء المصالحة وفك الاشتباك مع الالتزام بالضوابط التي تم ذكرها.

10- اقتراح لتفعيل التنسيق: أن يحضر أحد أعضاء مكتب الرابطة اجتماعات مكتب الخارج، وأن يحضر أحد أعضاء مكتب الخارج اجتماعات مكتب الرابطة، وذلك بالآلية (الإجراءات) التي يراها الطرفان مناسبة.

وبناء على ما سبق وما أقرته لوائح الجماعة المنظمة لتعامل الكيانات داخل التنظيم، فإن مكتب الخارج التزم بكل ما سبق، ولكن القيادي في الجماعة، محمود حسين، ومعه مجموعة من مكتب الرابطة "ذُكرت أسماؤهم عالياً" رفضوا هذه القرارات، وأصدروا قرارات لكل الإخوان العاملين بلجان مكتب الإخوان بالخارج بوقف التعامل معه، وتهديد كل من يشارك في أي من نشاطات المكتب "جلها ضد الانقلاب" بالتحويل للتحقيق ومن ثم الفصل، كما قلص من قيمة التمويل المستحق للجان مكتب الخارج.

مكتب الخارج بدوره أرسل مذكرة للإدارة العليا داخل مصر يعلمها بما تم اتخاذه من قرارات من مكتب الرابطة، كما أصدر بيانا داخليا مطولا لعموم الصف بالخارج "أمتنع عن نشر نصه كاملا" ولكن يمكن نسخ فقرة منه تقول "ولقد سرنا فى طريق الحفاظ على وحدة الجماعة بكل السبل، وتواصلنا مع المختلفين معنا بكل وسائل التواصل الشخصي، والتزاور، والتحاور، بل وكانت هناك محاولات جادة من أطراف مقدرة لرأب الصدع، مثل لجنة من الإخوة البرلمانيين، وشخصيات ورموز من أقطار متعددة، لكننا وجدنا بعض إخواننا يرفضون كل هذه المحاولات ويصرون على السير فى مسار الانشقاق والتصعيد إلى مداه، وتفرغوا تماما لتشويه وشيطنة إخوانهم، في الوقت الذي انصرفوا فيه عن أي عمل يمكن أن يفيد الجماعة أو الثورة ويعمل على كسر الانقلاب". ويقصد هنا الأسماء التي ذكرتها من مكتب الرابطة.

مكتب الرابطة لم يكتف بهذه القرارات، بل إنه تواصل مع القائم بأعمال المرشد العام في الداخل، محمود عزت، "وهو أمر صعب للغاية، خصوصا وأن الإدارة العليا المنتخبة في الداخل مؤخرا لم تستطع مقابلته حتى اللحظة"، بل إن عضوا بارزا بالرابطة، "من المفترض أنه معلوم لدى الأجهزة الأمنية"، دخل مصر بشكل عادي وقابل محمود عزت وأطلعه على ما أقرته الرابطة تجاه مكتب الإخوان في الخارج.

يأتي هذا وسط حديث عن سفر "عزت" إلى الخارج، وتحديدا تركيا، لإدارة الجماعة من الخارج وهو ما سيفتح باب نار على الجماعة، وسيتحول الجميع إلى فرق ومجموعات، وكل مجموعة تقول إن لديها شرعية.

وبعيدا عن سفر عزت من عدمه، ففي الداخل ورغم بداية عمل الإدارة العليا الجديدة عملها، و"التي من المفترض أن تمتد إلى ستة أشهر من بداية أكتوبر"، إلا أن القائم بأعمال المرشد العام، محمود عزت، أقر بدوره مجموعة من القرارات التي أفرغ الإدارة العليا من مضمون مهامها، وحصر كل شيء في يده، دون الرجوع إلى مجلس الشورى، منها على سبيل المثال، حصر اعتماده للأسماء التي ستقوم بمهام تعديل اللائحة، وإقراره واعتماده الحصري لجميع قرارات وخطط اللجان العاملة والإدارة العليا، حصر تمديد فترة عمل الإدارة العليا في يده فقط.

وبدلا من أن يقوم محمود عزت بالاتكاء على الشورى، التي تقرها الجماعة، والأفراد المنتخبين فإنه شكل لجنة موازية، في عضويتها "ع.ع، ع.ع، م.ز" وآخرون، تقوم هذه اللجنة بمهام تنسيق وإدارة ملفات بعيدا عن لجنة الإدارة العليا المنتخبة.

ليس هذا كل السيىء، إذ قرر محمود عزت منفردا إحالة العشرات من كوادر الجماعة الشابة العاملين في ما يسميه الإخوان بـ اللجان الثورية" للتحقيق في مخالفات تنظيمية، بحد وصف المحققين، مع استمرارهم على رأس عملهم حتى يصدر قرارا بشأنهم.

بالتأكيد ما قرأته، يا صديقي الإخواني عالياً، مأساة، فكيف يكون كل هؤلاء الشهداء والمعتقلين والمطاردين ولا يزال البعض يتحركون في مساحات صراع بعيدة كل البعد عن صراع حقيقي مع العسكر ومجموعات مصالحه.

ورغم المعلومات المؤسفة المذكورة عالياً "والتي لم تتجاوز 5% من المعلومات الكلية"، فإن هناك بقعة ضوء على كل حال، فرغم ما تعيشه الجماعة من وضع صعب فإن هناك محاولات حقيقية لإعادة بناء منظومة جماعة الإخوان بتاريخها العريض المنير، وهي محاولات يمكن البناء عليها في عملية يمكن تسميتها بـ"البناء الثالث"، وإن عملية التأسيس تلك رغم  ما تواجهه من عرقلة من داخل الجماعة ستفرض نفسها ليس من أجل التنظيم، ولكن من أجل الفكرة، والدين والوطن.

(مصر)
المساهمون