عندما تشاهد فيلماً أميركياً

26 نوفمبر 2015
لقطات من أفلام بلاك هوك وبديل الشيطان والقناص الأميركي
+ الخط -
تشتهر الولايات المتحدة الأميركية بصناعة السينما، التي تجذب إيرادات عالمية تقدر بملايين الدولارات سنوياً، و تعتبر هوليوود المركز الرئيسي المسيطر على العالم من الناحية السينمائية رغم أن بوليوود الهندية تستحوذ النسبة الأكثر مشاهدة، وذلك بسبب عدد متابعي الشاشة الفضية في الهند، والذين يصل عددهم بحسب بعض الإحصاءات إلى 700 مليون مشاهدة سنوياً.

تعرف السينما الأميركية بأفلامها الخيالية التي تقتبسها من الواقع بشكل يتصور فيه المشاهد أنها حقيقية، وهي في غاية الروعة، ونحن لا ننكر أنها الأفضل من بين عديد من الدول منها السينما البريطانية والهندية، رغم أن بعضهم يفضل مشاهدة السينما البريطانية أكثر كونها أقرب للواقعية. 

إن التطور الذي تشهدهُ أميركا من خدع سينمائية وتكوينها عن طريق شركات عالمية تختص بها، جعل القائمين عليها قادرين على دمج قصص مزيفة تثير الاشمئزاز لدى المشاهد العربي، فكاتب الفيلم يبين لنا أن العرب ما زالوا يركبون الجمال والرجل يمشي في الشارع وامرأته خلفه كالسبية، والأم لا تعتني بابنها بالشكل المطلوب فيصيبه وباء ما فيموت.

ترسم لنا هذه الأفلام قصة مزيفة عن الواقع الذي يعيشه الإنسان في العالم العربي، وتبين لنا هذه الأفلام حجم المأساة بشكل سلبي، إضافة إلى تلك النصوص المزيفة التي توضع كعلامة تجارية أو على مراكز اجتماعية وعسكرية، فلو تكلمنا عن "بلاك هوك داون" سنجد أن القوات الأميركية الخاصة تصول وتجول في مقديشو الصومال لتحرير الطائرة التي سقطت بقذيفة (آر بي جي) وكان يظهر مدى حجم الخسائر البشرية الصومالية على أرض الميدان، والواقع حسب شهود العيان أن القوات الأميركية قد تكبدت خسائر جسيمة. فعند تحليل هذا الفيلم لايستطيع بعضهم لوم المخرج الإنجليزي ريدلي سكوت، بالقول إن هذه صورة نمطية إنجليزية استعمارية، فحتى في فيلم "بديل الشيطان" من إخراج النيوزلندي لي تامهوري، يظهر لنا كم الأخطاء اللغوية والنصية المتعمدة، وحتى الركاكة والاصطناع في واقعية الأحداث. فالمتابع العربي لهذه الأنواع من الأفلام، سوف يدرك سريعاً تحريف الحقائق، فمحاولة اغتيال عدي صدام حسين كانت بأيد خفية، بعضهم يقول أعمامه وبعضهم يقول عصابة شوارع، في الفيلم يظهر لنا لطيف يحيى، شبيه عدي، هو الذي حاول اغتيال ابن الرئيس الراحل صدام حسين، وهذه حقيقة مزيفة لأن لطيف يحيى في ذلك الوقت كان قد ترك العراق بأمر من صدام حسين، حسب قوله في مقابلة هارد توك على قناة "بي بي سي" البريطانية.

في فيلم "القناص الأميركي" ومع أن الحدث كان مبنياً على قصة واقعية، إلا أن المضمون كان مزيفا، إذ يتحدث عن أم عراقية ترسل ابنها الذي لا يتجاوز عشرة أعوام، إلى تفجير مدرعة أميركية قبل أن يتم قتله على يد قناص أميركي، رغم ذلك فإن الأم العراقية تقوم برمي القنبلة الحرارية على الجنود الأميركيين قبل أن يطلق عليها القناص النار وتلقى مصرعها. ودائماً ما تظهر هذه الأفلام جنودها كأبطال، وأن هزيمتهم مستحيلة، والحقيقة أن أكثر من عشرين في المائة من الجنود الأميركيين العائدين من العراق، أصابتهم حالات مرضية نفسية، استدعت إنشاء مراكز صحية عقلية خاصة لمعالجتهم على تخطي هذه التجربة. 

رغم ذلك تجد أن هذه الأفلام تحصل على جوائز أوسكار بشتى أنواعها، فالعالم هنا ينقسم إلى نصفين في الآراء، الأول يهتم بالمؤثرات النظرية والصوتية، والثاني يرى أن هذه الأفلام قد حققت أرباحاً عالية، فتستحق التكريم. لكن ماذا عن تزييف الحقائق التي لطالما استغفلت المشاهد، سواء في العالم العربي أو الغربي؟

(العراق)

اقرأ أيضاً: السيطرة على العقول
المساهمون