لينا الجربوني... العميدة تنطلق إلى الحرية

16 ابريل 2017
الجربوني أتمت 15 عاماً في سجون الاحتلال (العربي الجديد)
+ الخط -
يواصل سعيد جربوني، الأخ الأصغر للأسيرة لينا الجربوني من بلدة عرابة البطوف في الجليل، ترميم وصيانة البيت استقبالاً لأخته عميدة الأسيرات، والتي أمضت 15 عاماً في حياة الأسر في سجن "هداريم"، إذ من المقرر أن ترى النور وتخرج إلى الحرية في 17 إبريل/نيسان، تزامناً مع يوم الأسير.

ستنتهي فترة معاناة الأهل في السفر، والتي بدأت قبل 15 عاماً. ساعتان في كل اتجاه، من عرابة إلى سجن "هداريم" القريب من مدينة نتانيا وطولكرم. كل يوم اثنين، مرة كل أسبوعين، تقطع العائلة المسافة لزيارة ابنتها. وبعد انتظار لثلاث ساعات، يسمح لها بالزيارة لربع ساعة. يتحدثون بالهاتف ويفصل بينهم جدار زجاجي سميك، فلا لمس ولا مصافحة.

"العربي الجديد" زارت منزل العائلة للاطلاع على تحضيرات الاستقبال. الحاجة أم سعيد الجربوني، والدة الأسيرة، تشرح باسمة قائلة "قمت بشراء أثاث جديد لغرفتها وملابس جديدة وبنيت حماماً خاصاً لها، لنستقبل الست لينا. وغيّرت أثاث الصالون وغيرت المطبخ، كل شيء جديد من أجل عيونها. في زيارتي الأخيرة لها في سجن هداريم، لينا تبكي لأنها ستودع وتفارق رفيقاتها وأخواتها الأسيرات بعد 15 عاماً معاً في الأسر. أرسلت لها مبلغاً من المال عن طريق "الكنتينا" لأنها تريد أن تحضر وليمة غداء لوداع صديقاتها في السجن قبل الفراق. وقامت بتعيين الأسيرة ياسمين من الضفة الغربية عميدة الأسيرات مكانها".

وتضيف الحاجة أم سعيد "عندي قوة لأهد الدار وأبنيها من جديد رغم الحالة الصحية، ولينا بهذه الصفة تشبهني. أخوها سيقوم في وضع أبناء أخيها وأختها في طابور لتتعرف إليهم، لينا ذكية ستحفظ أسماءهم في ثلاثة أيام. طبعا سوف أذهب إلى السجن لاستقبالها وأحضنها طويلا طويلا". وتختتم كلامها قائلة "نحن نحضر الكبة والبقلاوة والقهوة والتمر وخير الله استقبالا لها. فخلال 15 عاماً سمحوا لي فقط مرتين أن أحضنها. هي بنظري لم تتغير بشكلها بقيت كما هي".

وفي حديث مع والدها أحمد الجربوني، وهو رئيس سابق لمجلس قرية عرابة، وكاتب أصدر ستة كتب من مؤلفاته، وأسير سياسي سابق اعتقل مرتين في عام 1958 لمدة سنتين ونصف السنة ومن ثم في عام 1968 لمدة سنة ونصف، يقول "لينا هي ابنتي الثانية من بين إخوتها اعتقلت وهي ابنة 28 عاماً وستخرج إلى الحرية وهي ابنة 43 عاماً، أنهت تعليمها الثانوي في عرابة. لا شك في أني فرح جداً ومرتاح لعودتها إلى بيتنا وبلدنا. لكن فرحتنا تبقى ناقصة لأن هناك 6000 أسير فلسطيني يعيشون في السجون الإسرائيلية. تجربة الأسير الفلسطيني لا يعرفها إلا من جربها". ويتابع "أنا أتألم كثيراً في كل مرة أزورها، فظروف الزيارة من وراء جدار زجاجي سميك وعبر الهاتف، مؤلمة جداً. في فترة المفاوضات الأخيرة ضمن صفقة "وفاء الأحرار" خرجت جميع الأسيرات من الضفة الغربية وقطاع غزة، أما لينا فلم تخرج. هذه كانت فترة صعبة جداً عليها". وينهي كلامه قائلاً "ستخرج لينا ولا تعرف أفراد العائلة، لم تر جيلاً كاملاً، ولم تتعرف إلى الشباب الذين كبروا من أبناء أخوتها بفترة غيابها والذين ولدوا".

أما سعيد الجربوني، أخوها الأصغر، فيقول "في زيارتي لها قبل شهر في السجن حدثتها عن الترميم والتغيير الذي قمنا به بالمنزل والذي بدأت العمل فيه قبل أربعة أشهر، وذلك استقبالا لها. لكنها قالت لي إنها لا تذكر كثيرا أصلا تفاصيل شكل البيت، ولكنها مشتاقة إليه كثيراً. فهي لا تعرف أبنائي وأبناء أخوتي، هي عمة وخالة لأطفال كثر، هناك جيل كامل ولد لم تعرفه. هي لم تعرف أبنائي عدا أسمائهم من الصور خلال الزيارات في السجن".

نبذة
ولدت لينا في مطلع نوفمبر من عام 1974 في قرية عرابة البطوف في الجليل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. هي الأخت الوسطى بين تسع شقيقات وثمانية أشقاء رُزق بهم الحاج أحمد الجربوني من زوجتين. كانت قد تلقت دراستها في مدرسة عرابة الثانوية عام 1992. دانتها محكمة الاحتلال الإسرائيلية بتهمة "الاتصال مع الجهاد الإسلامي ومساعدة جهات معادية للدولة". وحكمت عليها بالسجن 17 عاماً. وبعد الاستئناف للمحكمة العليا خفض الحكم إلى 15 عاماً.

توجت الجربوني عام 2015 من مؤسسة "مهجة القدس للشهداء والأسرى" بلقب امرأة فلسطين الأولى للعام، ضمن فعالية وزارة شؤون المرأة، كونها أمضت كلّ هذه السنوات في المعتقل. وتتولى الجربوني دوراً خاصاً وريادياً. فهي العميدة التي ترعى وترشد باقي الأسيرات وتساعدهن على التأقلم في حياة الأسر. وكانت قد خاضت الإضراب المفتوح عن الطعام عدة مرات خلال أسرها.

تنتمي لينا إلى عائلة مناضلين وأسرى، فوالدها الحاج أحمد الجربوني أسير سياسي سابق اعتقل مرتين. وكذلك خالها المحامي حسن الجربوني، الذي ترافع عنها في المحاكم. ومن قبلهما كان جدّها علي الجربوني الذي قاوم الاحتلال الصهيوني في عام النكبة واعتقل.