La Rambla وميرو

09 نوفمبر 2015
فسيفساء خوان ميرو في برشلونة (Getty)
+ الخط -
ثمة في برشلونة، العاصمة الإدارية والاقتصادية لإقليم كتالونيا، جادة شهيرة تدعى لا رامبلا La Rambla. تمتد الجادة بين ساحة كتالونيا وميناء المدينة القديمة المميّز بنصب شهير لـ "مكتشف" القارة الأميركية، كريستوف كولومبوس. 
كلمة الرامبلا ذات الأصل الكتلاني، ليست إلا مشتقّة من لغة الضاد وتعني الرملة، إذ إن هذه الجادة مبنية على سرير نهر "أن مللا"، كذا كان لذرات الرمل الصفراء، نصيبٌ في البقاء لفظًا في هذا المكان، الذي يمثّل واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبيًة في برشلونة.

وكما شأن المدن الجاذبة للسوّاح، ثمة قسم في الجادة لا تمرّ فيه السيارات مطلقًا، إذ هو حكر على المشاة. في منتصف جادة لارامبلا تقريبًا، وتحديدًا عند ساحة boqueria، التي كانت في زمن مضى سوقًا شعبية، ثمة فسيفساء على الأرض.

اقرأ أيضًا: دار باتللو

بلاطات ليست صغيرة ولا كبيرة، ملّونة متراصة، يسير المشاة فوقها. شكل الفسيفساء دائري، وألوانها هي الألوان الرئيسة التي تتفرّع منها كلّ الألوان: الأحمر والأزرق والأصفر، بالإضافة إلى اللونين "المهمين" : الأبيض والأسود.

الفسيفساء دائرة مؤطّرة بالأسود، ويسبح اللون الأبيض داخلها، ليبدو خلفية لتلك الأشكال البسيطة المختزلة التي لا تشي إلا بشيء وحيد عالم الطفولة ببراءته وإشاراته الموحية. شيء فطري ومليء بالدعة ينساب من أحجار لوحة الفسيفساء تلك. وكيف لا؟ وهي فسيفساء ممهورة بتوقيع أحد أهم الفنانين في القرن العشرين: خوان ميرو.

كان هذا الفنان صديقًا للشعراء، السرياليين منهم على وجه الخصوص، لويس أراغون وأندريه بروتون وبول إيلوار. وحين وقّع معهم على بيان السريالية الشهير، علّق بروتون قائلًا : "ميرو أكثرنا سريالية".

لم يكن ميرو فنانًا استثنائيًا فحسب، بل كان أيضًا شاعرًا، ولعلّ في ما تحمله هذه "الصفة"، من روح وثّابة ونزق وجموح وجنوح، ما يبرر ابتعاد ميرو عن السريالية، لأسباب لها علاقة بالسياسة ومواقف السرياليين من حكم فرانكو تحديدًا وما جرّه من ويلات على إسبانيا. لطالما شاب الغموض والتقوّل موقف ميرو من حكم فرانكو، ولطالما عُقدت المقارنات بينه وبين مواطنه الشهير جدًا بابلو بيكاسو، حيث عدّ الأخير مقاومًا وثوريًا، بينما قيل إن ميرو كان مهادنًا مخاتلًا. إلا أن المعرض الذي شارك فيه الفنانان الاثنان في باريس عام 1937 ضمن جناح الجمهورية الإسبانية الثانية، قال شيئًا مختلفًا عن ميرو الذي شارك بعمل يمثّل فلاحًا إسبانيًا رافعًا ذراعه، ومحكمًا قبضته، شيء يشي بكل ما يمقته الجنرال فرانكو.
دلالات
المساهمون