حتى زمن قريب، لم يكن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية من المواعيد التي يمكن تسجيلها في البرامج الثقافية في تونس، فتعدّد الهويات كثيراً ما كان مسألة يفضّل عدم إثارتها، فهي تحرج السلطة، باعتبار أن طرحها بين زمنيْ بورقيبة وبن علي قام على فكرة توحيد التونسيين ضمن هوية مشتركة لا تعترف بالفروقات بينهم.
يوافق رأس السنة الأمازيغية يوم 12 كانون الثاني/ يناير من التقويم الغريغوري، ويشهد هذا العام اهتماماً ثقافياً، مثل التظاهرة التي تنظّم يوم غدٍ في "فضاء كارمن" في تونس العاصمة بمبادرة من منظمات مدنية منها "نادي الثقافة الأمازيغية" و"جمعية تامجيت".
من فعاليات التظاهرة، محاضرة حول التقويم الفلاحي الأمازيغي للمؤرّخ محمد خلف الله، وعرض الفيلم الوثائقي "حديث القرى الأمازيغية" لـ عبد الحق الطرشوني، وأمسية شعرية لحسين بغيث الذي يقدّم قصائد أمازيغية مترجمة.
كما يتضمّن البرنامج تقديم مسرحية تاريخية بعنوان "شمتو" لـ طارق العمراوي، والتي يلقي معها محاضرة. حول مسرحيته، يقول العمراوي في حديث إلى "العربي الجديد": "عنوان المسرحية هو اسم مدينة تمثّل اليوم موقعاً أثرياً في شمال غرب تونس، ويقع إطارها الزماني في زمن بناء الضريح الملكي في هذه المدينة في الفترة الرومانية". يضيف: "يضيء العمل على استغلال السكان الأصليين (الأمازيغ) في مقاطع الرخام، وتتحدّث عن تحضير أصحاب الأرض للهجوم على المدينة وتحريرها من الرومان".
يشير العمرواي إلى أن مسرحيته جرى منعها قبل 2011، حيث أنها تتضمّن إشارات حول فساد الحاكم الروماني، وهو ما وجد فيه البعض أنه يمكن أن يكون إشارة إلى فساد أسرة بن علي. لكن العمراوي يعتبر أنها تتضمّن أيضاً مطالبة بمزيد الاعتراف بـ"سكان تونس الأصليين"، وفق تعبيره، وتؤكّد المسرحية على أنهم "ليسوا برابرة أو همجاً كما تدّعي الكتابات التاريخية الرومانية القديمة وتناقلها كثيرون بعدهم، بل لهم إسهاماتهم في جميع الأنشطة والفنون". وحول التعامل التونسي اليوم مع الثقافة الأمازيغية، يقول: "ما زلنا لم نعطها حقها، خصوصاً إضاءة الجانب الحضاري منها".