غرفة تنطق بلغات عديدة

20 اغسطس 2016
(الشاعرة)
+ الخط -

نهر
ذات مرة
جرى نهرٌ

عابراً
صِبايَ

محملاً بقواربَ
وأسماك

وفراخ
ضاحكة

من أطفال
عراة

اسمرّتْ بشرتهم
عبر 365 شمساً؛

أيام مشمسة
من براءة

صافية
مثل مائه.

أما اليومَ
فالتقى

النهرُ
المحيطَ

وزبده
الأبيض النقيّ

يشيلُ
نفائسَ

الجزرِ
الضائعة.

ثمة ثمار
الأرحام

وأفواج
من ذوي القربى

النهر
الآن محيط،

والمحيط
سماء،

السماء
جلدي ـــ

هالة
الضوء.


الغرفة
تنطق الغرفة
بلغات عديدة.

مفرداتها
مستعارة

من غزوات
على أراضٍ أخرى

تدوي
داخلَ

حيطانها البيضاء
المصمَتة.

لوحات زيتية
لِـمَحْكياتٍ

تتقطَّرُ
صمتاً

بما
ترويه.

تميل
الكتبُ

ويستريح بعضها على الآخر
بأناةٍ

كأصدقاء
قدامى

وأجراس باب
من عيدان الخيزران

تدندن
لشجرة التين الهندي.

في الخارج
وفي الداخل

ثمة البحر
والسماء

الماء
والغيم

قد ألّفتْ ما بينها
الرغبةُ.

امرأة
ورقية

بعينين
قلقتين

هي الشاهد
الصموت

على خيمياء
النهار.

تترنّم
الغرفة

بألحان
آتية من

الرحّالة
الجوّالين

الذين
اجتازوا

أرضيتها المصنوعة
من خشب الساج البورميّ

كأنها
قارّة أخرى

معلَّقة في
غلاف جوي ــ آسر

يغوي
أطراف اللهب.


شجن
جثمَ الشجنُ ثقيلاً
على أجفاني

كنسر عملاق
فرشَ جناحيه.

شجنٌ يسري
في جلدي

مثل
نهر أزرق ــ

مثل كسوف
يبتلع

الشمسَ
داخلَ غرفتي.


مسافر
ذات مرة
سألَ مسافرٌ،

ما الطريق
الصحيح

الذي يوصلني
إلى وجهتي؟

أضاءت ابتسامةٌ
عيني

المرأة
التي سألها

وقالت ــ
اصغِ إلى الموسيقا

في روحك
تجد
الطريق.


فوضى صباحية
إنها مثل الفوضى الصباحية،
تبعثرت الشراشف، والمخدات على الأرض،
أعقاب السجائر في فناجين القهوة،
وبائع الحليب ينتظر عند الباب.

الصحف، بالتأكيد، هي القمامة اليومية،
فكم من الحكومات ستشتم؟
ثم إن تنافر السقسقات المكتومة
سيجعل الاستيقاظ أسوأ بكثير.

إنها مثل الفوضى الصباحية،
الكلمات المشوشة في رأسي.
كيف للمرء أن يرتّبها بعناية
بإشراق مرئيّ يجعلها جديرة بالقراءة؟


ظهيرة
لا شيء يتحرك
في سكينة
الظهيرة ـــ

سوى أفكار تتقلّبُ
وتنبعث جنائزيةً
من شواهد قبورٍ
لذاكرة مأزومة.

أصوات الموتى
من شوارع الأشباح
تندب وتهنأ
لمرور الوقت ـــ

لا شيء يتحرك،
الكلّ في سكينة
إلا صقر الذاكرة
المخاتل.


مساء
ضوء مسائيّ
بلون الشفق،

تبدد إثرَ
شهوةٍ

لظهيرة صيفية
حارّة

بسطتْ
أجنحتها المتخَمة
فوق المدينة العارية.


ليل
شققتُ
إزار الليل

كي تبانَ
أسرارُه السوداء

فوجدتُ
النهارَ قابعاً
في الركن.

وجدتُ
غرباءَ

عالقين
في شباك عناكب

من حكاياتٍ
لم تُرْوَ؛
وجدتُ

زخرفة بيضاء
على جدران سوداء

تنشد
أحلاماً ممكنةً -

وجنوداً
يحرقون البنادق
لتؤولَ رماداً من الحب.

وجدتُ رماداً
يصيرُ طيناً

والطينَ يصبح
بوتقةً

لدموع
الأسى.

وجدتُ النهارَ
مصلوباً

والليلَ
يُشرعُ

أبوابه
لرياح
الحب.


الزمن
الزمن
أوراقُ نبات،
أوراقٌ
تتساقط،
ورقة
إثر أخرى،
تتهادى
تتراقص ـــ
خضراءَ
وحمراء
وذهبية
وحيناً
زرقاء.

تتساقط
على
راحتي المبسوطة،
مثل القصائد،
مثل التراتيل،
مثل الضوء،
مثل الأحلام،
مثل الهدايا،
في كلّ يوم
ثمة هدية
كأنّما هي
الأخيرة


متمرّد
غير أننا
لا نعلم
إلى أين
مضى المتمرد.
كان
مثل ورقةٍ
بالية
نهشتها الفَراشات ـــ
ورقة
أدركتْ يوماً
أن واقيَها
الأخضر
قد يدفع عنها
الرياح
العاتية
التي عصفتْ
بموئلِها الشجريّ.

قد توارى
ليخفي
جراحه
ويلعق
الدم
عن
جلده الكامدِ،
الذي أيقن فيما مضى
أن
الإيمان
والإقدام
سوف يعوّضان
ما أُهرقَ
من إنسانية مسروقة.


* Bina Sarkar Ellias شاعرة هندية وناشرة وصحافية متخصصة بالفنون البصرية. من أعمالها الشعرية "الغرفة" و"فتيل".

** ترجمة عن الإنجليزية أحمد م. أحمد

المساهمون