خلل أساسي يمكن ملاحظته في السياسات الثقافية للبلدان العربية الصاعدة في مجال الصناعة الثقافية؛ وهو تبنيها لهدفين تتصارع مخرجاتهما.
من جهة، تريد هذه البلدان توسيع إمكانية الوصول إلى السلعة الثقافية، بوصفها دولاً متطورة تقلّد النموذج الغربي. ومن جهة أخرى، تقضي اللبرلة أولاً بأول على إمكانية الوصول هذه.
يبدو واضحاً أيّ الهدفين ستهيمن نتائجه على الآخر؛ ذلك أن السياسات الثقافية تتأثر بالقواعد المهيمنة على السياسات العامة الأخرى، من ذلك نظام الضرائب وحقوق الملكية وواقع السوق الذي دخلت إليه المنتجات الثقافية "المسكينة" أمام الاستهلاكية المتوحشة.
ثمة وهم بوجود منحلة ثقافية مردّه ضجيج الإعلام، لكن هذا لا يمنع أن نقرأ بسهولة أن هذه الدول تحاول حماية الوضع الثقافي القائم، بل إنها تتخذ منهجاً دفاعياً عند صناعة القرار الثقافي، ينافح عن القديم في الوقت الذي يبدو فيه أنه يستقطب الحديث.
يظهر ذلك مثلاً في تفريخ مشاريع ثقافية توصف بأنها "كبرى" لضخامة ميزانيتها وليس لأدائها، حيث تعيد هذه إنتاج الثقافة التقليدية.
معضلة الثقافة في عدم وضوح مكانتها واستعمالها على الدوام، يُنظَر إليها كمتخلفة اقتصادياً عن بقية القطاعات، وما تقدر عليه "الست ثقافة" هو أن تعمل كمستخدمة لدى قطاعات السياحة والإعلام والعلاقات العامة.