كيف كان يحلم الناس في الماضي؟ وهل لدى الثقافات والحقب الزمنية أنواع مختلفة من الكوابيس؟ يطرح الباحث والأكاديمي البريطاني بيل ماكلاهوز، المتخصص في التاريخ الثقافي والاجتماعي في القرون الوسطى وبشكل خاص الطبي، هذا السؤال في محاضرة يلقيها عند السادسة والنصف من مساء اليوم الخميس في "متحف المسرح القديم" في لندن.
يناقش ماكلاهوز في محاضرته المعنونة "شياطين وقديسون وكوابيس: الخوف من الأحلام في العصور الوسطى" الجانب المظلم لعالم الأحلام في تلك الحقبة، ويستكشف الطرق التي دخل بها الخوف إلى أحلام الناس، وعلاقته بالأوبئة وأجواء السحر والشعوذة.
يتطرّق المحاضر إلى مرض الجاثوم، وهي الحالة التي يستيقظ فيها المرضى غير قادرين على الحركة ويتخيّلون في كثير من الأحيان أنهم تعرّضوا إلى هجوم من قبل شيطان أو مخلوق آخر.
يعود الباحث إلى مظاهر الرعب الليلي من خلال دراسة مصادر طبية وكتب مختلفة من القرون الوسطى، بما يتيح الخوض في الزوايا المظلمة للحياة الاجتماعية والدينية والسياسية، وعلاقة الترويج للأشباح والشياطين بالسلطة، كما يحلّل ما يُروى عن أحلام الملوك في تلك الفترة وكوابيس العامّة.
يركّز ماكلاهوز على الروابط بين العلم والدين، وهو محاضر في التاريخ وفلسفة العلوم في "جامعة لندن"، وقد صدر له كتاب "عصر الرقة: القلق الثقافي على الطفل في القرنين الثاني عشر والثالث عشر"، ويعمل حالياً على كتاب عن تاريخ النوم وأمراضه في العصور الوسطى.
ألقى ماكلاهوز سابقاً عدّة محاضرات حول فضل الإسلام على العلوم المختلفة في القرون الوسطى، وبشكل خاص الطب، كما حاضر عن علاقة الإسلام بعلوم الفلك والجغرافيا والخرائط التي وضعها العلماء المسلمون للعالم، كما تطرّق في محاضراته المختلفة إلى بغداد في القرن التاسع التي كانت مركزاً للعلم والثقافة.
كما قدّم الكاتب المستعرب قراءات مختلفة بل ركّزت معظم دراساته على الاستقبال الغربي للطب والعلوم العربية، وبداية التأثر بهذا العالم بدءاً من القرن الحادي عشر، حين أدرك الغرب فجأة أن ثمة كمية كبيرة من المعلومات وتقدّماً أكبر في الطب والعلوم في العالم الإسلامي مما يجهله الغربيون تماماً.
في مجال الطب بالتحديد، يقول ماكلاهوز إن السبب الذي دفع الغرب إلى النظر في الطب الإسلامي، هو وجود أدبيات وكتابات على قدر كبير من الأهمية لم تنج من التلف والحريق والخسارة مع سقوط روما، وتمّ نقل جزء منها في الحضارة الإسلامية وازدهر وأضيف إليه الكثير.