كلاهما شرق

15 مارس 2017
فتيحة الزموري/ المغرب
+ الخط -

شكّلت الفوارق الثقافية والاجتماعية بين مدن المشرق والمغرب في العالم العربي مبتدأ للبحث عن الخلافات عند البعض، ومنتهى لدراسات يحكمها منطق الاختلاف لدى آخرين.

ثمّة فصل غير دقيق ومبالغ به أحياناً في عقد مقارنات ظالمة تتناول خصائص كلتا الجغرافيتين، حتى أن المفكّر المغربي محمد عابد الجابري (1936 – 2010) استفاض في شرح عقلانية المغرب متمثّلة بابن رشد وابن باجة، وعرفانية المشرق متجسّدة بإشراقات الفارابي وابن سينا.

يتكرّس ضربٌ من التعسّف في هذه المقاربات لا يلتفت إلى متغيّرات سياسية وديمغرافية وثقافية، وربما تجدر بنا العودة إلى ابن خلدون (1332 – 1406) الذي اشتغل بالتحوّل من العصبية إلى التحضّر، وكان يرى ببطء التمدّن لدى سكّان المغرب مقارنة بحواضر الشام ومصر والأندلس التي كانت تتمركز فيها دوائر الحكم والعلم والتبادل التجاري مع العالم.

لكن صاحب "المقدّمة" لم يجد في ذلك فروقاً أساسية حين درس الواقع العربي ومتغيّراته مشرقاً ومغرباً، محكوماً في بحثه بعوامل موضوعية تتعلّق بتأثيرات السلطة والقبيلة والهجرة والصناعة وغيرها.

لو عاد ابن خلدون لربما نبّه إلى ما ورثه المغاربة من الأندلس وتواصلهم الكثيف مع الغرب، وما تركه ذلك من أثر في تمدّنهم قياساً بتراجع شهده المشرق؛ افتراضات عديدة يمكن نقاشها لكن داخل درسه لا خارجه. وفي النهاية، مع اختصار عبارة أحمد شوقي "كلاهما شرق".

المساهمون