عصام العبد الله.. صمت "مقام الصوت"

20 ديسمبر 2017
(1941 - 2017)
+ الخط -
"أنا في جنازة جميلة هي جنازة القصيدة، وأظن أننا من أقارب الفقيد.. يعزينا الناس.. تذهب القصيدة إلى المقبرة ونذهب نحن إلى السكوت"، بهذه الكلمات عبّر الشاعر اللبناني عصام العبد الله (1941 – 2017) الذي رحل أمس عن رؤيته للكتابة وواقع الشعر منذ أكثر من عشر سنوات.

عاش ابن بلدة الخيام في جنوب لبنان، حياة صاخبة ابتدأها بالسياسة وكتابة الشعر الموزون بالفصحى، واختبر أكثر من تجربة حزبية وقصيدة ثم هجر الاثنين نحو عشرين عاماً، وعاد بعدها ليكتب باللهجة المحكية في صوت بدا مختلفاً عن جيله، ومغايراً لمرحلة بأسرها.

عمل في الإذاعة اللبنانية نهاية السبيعنيات برفقة المخرج السينمائي جان شمعون (1944 – 2017)، والموسيقي زياد الرحباني (1956)، والأخير سجّل له موسيقى ديوانه الأول "قهوة مرة" (1982)، وأعادا الكرّة في قصائد أخرى.

لم يحمل دفاعه عن العامية (الدراجة) والكتابة بها نفَساً عنصرياً تجاه الفصيح، أو اللهجات العربية الأخرى، بل كان يرى أن محكيات العالم العربي تتقارب وتجتمع في مفرداتها وصياغاتها وبلاغتها في التعبير.

كان مقلاً في نتاجاته، إذ أصدر ديوانه الثاني "سطر النمل" (1993) بعد أكثر من عقد من إصداره الأول، وغاب حتى عام 2009 ليصدر ديوانه الثالث والأخير "مقام الصوت".

ورغم تكراره في أكثر مناسبة أنه لا يهمّه أن يعيش ويضحك ويمشي كشاعر، إلا أنه كان كذلك فعلاً، حيث لم تخرج حياته عن الشعر والحرية والحب، وربما لم يفعل غيرها شيئاً آخر، لكن نقده اللاذع والنابع من تجارب سياسية وعاطفية وشعرية عاشها، أضفت عليه ذلك المزاج الخاص الذي لا يشبه فيه شاعراً غيره.

وبسبب ذلك المزاج بدا ساخراً من كل شيء وكأنه يعيش زمناً خارج الزمن وخوفه كان على القصيدة وحدها، حيث يشير في إحدى مقابلاته الصحافية إلى أن "الشعر موجود في كلّ مكان، والخطر على القصيدة التي هي اللحظة الشعرية منفّذة باللغة. خوفي على القصيدة حيث يذهب الناس إلى فنون سوى فنون اللغة، حتى أنهم ينصرفون عن اللغة نفسها، الشاعر في موقف لا يحسد عليه.. لن يتطور فن إذا لم يكن المجتمع حاضناً لهذا الفن".

المساهمون