قبل عدة أيام، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً عن اختفاء لوحة "المسيح المخلّص" التي رسمها ليوناردو دافنشي، واقتناها متحف "لوفر أبو ظبي".
ذهبت الصحيفة إلى أن من اشتراها من مزاد في نيويورك هو الأمير السعودي بدر بن فرحان آل سعود، الذي وصفته بأنه لا يُعرف عنه اقتنائه للأعمال الفنية، لكنه مقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقد جرى تعيينه وزيراً للثقافة بعد مدة من شرائه اللوحة.
تفاوتت ردود فعل مؤرخي الفن، بين خطورة ألا يُعرَف مصير لوحة تعتبر جزءاً من تاريخ الفن العالمي، وبين من اعتبر المسألة ظلماً للعمل الذي اختفى عن الأنظار ولم يعد متاحاً لا لمحبي الفن ولا الدارسين، لا سيما وأن "لوفر أبو ظبي" وعد بعرضها ثم أخلف الوعد، ما يدل على أن مقتنيها لا يريد لغيره أن يراها، وهو تصرّف ينافي تقاليد اقتناء هكذا أعمال تُعد جزءاً من الحضارة الإنسانية.
على وقع هذا الاختفاء الباهظ جداً لـ"المسيح المخلّص"، التي بيعت بقيمة تُعد الأغلى في التاريخ وصلت إلى 450.3 مليون دولار، وربما تحولها إلى ثروة معلقة على جدار في أحد القصور، تُعقد ندوة في "الأكاديمية الملكية للفنون" بلندن تناقش معنى "الجرائم الفنية"، طيلة اليوم السبت، وتتناول معنى الجريمة الفنية بين الواقع والأسطورة، فهل يمكن حقاً للوحة أو عمل فني أن يخرج من مكانه ويختفي وألا يُعرف طريقه؟ أم أن حركة ملكيته تستخدم لأغراض أخرى؟
ما لا يعرفه كثيرون أن "جرائم الفن" هي صناعة بمليارات الدولارات. مثلاً يذكر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركية أن الجرائم المتعلقة بسرقة وتزوير الأعمال الفنية هي ثالث أكبر تجارة إجرامية سنوية في العالم، حيث تحقق ربحاً جنائياً سنوياً يقدر بنحو 6 مليارات دولار.
والمؤكد أن القيمة العالية للفن وكذلك سهولة نقله عبر الحدود ساهمت في ازدهار الأنشطة الإجرامية المنظمة التي ارتبطت به، ما في ذلك غسل الأموال والابتزاز وتجارة المخدرات والأسلحة والإرهاب.
ومثلما يوجد عدد لا يحصى من أنواع الفن، هناك أيضاً عدد لا يحصى من أنواع الجرائم الفنية، بما في ذلك السرقة والنهب في زمن الحرب والنهب الأثري والتهريب والتزوير والاحتيال.
بالطبع، لا يعد اقتناء الأعمال الفنية جريمة، لكن أحياناً ما هو جريمة هو السبب وراء اقتنائها إذا أخذنا بعين الاعتبار القائمة أعلاها التي يمكن أن يضاف إليها عدة ممارسات غير قانونية أخرى.
أما الجريمة المعنوية التي تلحق بأي عمل فني، فهي في أن يصبح محجوباً عن الجمهور ومتاحاً فقط لثلة من أصحاب الأموال القادرين على دفع مئات الملايين.