في أحدى مشافي العاصمة العراقية، بغداد، رحل أول أمس الثلاثاء الشاعر الفلسطيني خالد علي مصطفى (1939 - 2019)، أول أمس، الثلاثاء، بعد تدخُّل جراحي لم ينج منه صاحب "موتى على لائحة الانتظار".
لم يكن الشاعر الراحل يتجاوز التاسعة حين وقعت النكبة، فقرّرت عائلته الهاربة من قرية عين غزال المحاذية لحيفا أن تقصد العراق ملجأً لها، وبالتحديد البصرة، حيث تلقّى تعليمه المدرسي إلى أن أنهى الثانوية.
اتجه مصطفى إلى بغداد ملتحقاً بكلية الآداب فيها، إلى أن حصل على الدكتوراه وأصبح أستاذاً في جامعة المستنصرية، وساهم في تخريج عشرات الأجيال من الطلبة العراقيين.
ورغم تجرببته الكبيرة والمخضرمة، فإن الدراسات حول شعره وتجربته ليست كثيرة، حاله حال شعراء فلسطينين كثر من مجايلي محمود درويش وسميح القاسم، لم يُلتفت إلى تجاربهم كما تستحق وينبغي لأسباب ليست كلها إبداعية.
من أبرز القراءات (قدّمها مثقفون وباحثون عراقيون غالباً) في شعر الراحل، مقال مطوّل للشاعر العراقي سامي مهدي بعنوان "شعرية خالد علي مصطفى"، وقراة نقدية في قصيدة "رحلة الغجر" قدّمها الأكاديمي رعد رحمة السيفي، ودراسة أخرى بعنوان "الإبلاغية في شعر خالد علي مصطفى" كتبها الباحث والأكاديمي عبد الرزاق أحمد الحربي.
يمكن بنفس الإنصاف أن نقرأ تجربة مصطفى ضمن تجربة الشعر الفلسطيني، وأن نقرأه ضمن تجربة شعراء الستينيات في العراق، وهو الذي شارك في مانفيستو جماعة "البيان الشعري" (1969) مع فوزي كريم وفاضل العزاوي وسامي مهدي.
أما نقد وقراءات مصطفى نفسه، فسنجد له عدة محاضرات مسجلة على يوتيوب، يتناول فيها تجارب شعرية مختلفة مثل قراءاته لسركون بولص، ولكتاب "التيجان" لوهب ابن منبه، إلى جانب دراساته المختلفة ومراجعاته المنشورة في المجلات الأدبية ومن أبرزها تجربته في قراءة شعر بدر شاكر السياب من منظور مختلف، وهو تأثُّر السياب بالشعر الصيني بعد أن اطّلع على تجارب منه في ترجمات إزرا باوند.
أصدر الراحل ست مجموعات شعرية بدأها بـ "موتى على لائحة الانتظار" (1969) و"البصرة حيفا" (1975)، ثم "سفر بين الينابيع" (1973)، و"المعلقة الفلسطينية" (1989) و"سورة الحب" (1980)، وأخيراً "غزل في الجحيم" (1993) وهي آخر إصداراته الشعرية وتتكوّن من تسعة أجزاء من بينها "سفر التكوين الفلسطيني"، و"السونيتات الفلسطينيه"، و"كتاب الرؤى" و"سورياليات".
لمصطفى أيضاً كتب ومراجعات في النقد؛ من بينها دراسة بعنوان "الشعر الفلسطيني الحديث" (1978)، ودراسة أخرى بعنوان "شاعر من فلسطين" عاد فيها إلى تجربة مطلق عبد الخالق (1909 - 1937)، و"في الشعر الفلسطيني المعاصر" و"شعراء البيان الشعري".