قلتُ لها ما أجملَ ألوان القيامة

22 ديسمبر 2019
كاظم حيدر/ العراق
+ الخط -

قصائد السطر الواحد

(عن الموسيقى)


رحلة طويلة في الموسيقى. في تيه الموسيقى. سنفكّك الأسلاك الشائكة التي أحاطت بأوتار الحرية.

وحوشٌ تُقطَّع جسدي وأنا أنظر دون حراك.

في بحيرة الشيطان عزفتُ على كمانٍ متوتر.

كلُّ ميَّتٍ عازف. كلُّ ميتٍ له أداتُه الموسيقية.

في زمن الكآبات كانت الموسيقى سلالم؛ تصعد إلى الكواكب وتنزل إلى الأعماق.

قافلةٌ عبرت بالموسيقى؛ مشتعلةً بثيابها الزهرية. قافلةٌ من الحرير والنجوم والماس نأت وغابت في الموسيقى.

- من أين تأتي الموسيقى؟
- من كلام الملوك.

ثمّة كائنٌ غائبٌ مغيَّبٌ في الموسيقى يتألّم؛ يئن؛ ينوح ويبكي في سجونه العميقة.

هذه القصيدة بلا إيقاع. شجرةٌ في جهنم. شعلةٌ مُلوَّنة. نبتة الحرية؛ حجرٌ يعلم المسافرين طرق الوصول إلى الكنز.

الموسيقى جهنم؛ وعذابٌ أليم.

تحترق في الموسيقى غاباتُ المجاز.

الموسيقى خالقةٌ؛ الموسيقى وأنا آدمُ الأول؛ واقفٌ أنظرُ إلى جسدي كيف يُخلق.

العصافير إيقاعات؛ موسيقاوات لطيفة الأصوات؛ طنطنات؛ طناطن؛ طن.

فوق إحساس الكروبين كانت الموسيقى ترتِّق أسماء وسماوات وجهات؛ وتعطيني حقولاً وسنين.

شوبان والطيور التي تهاجر من وتر إلى وتر إلى صباح الأحواز؛ هذا ما ينبغي أن أخطَّه الأن كذكرى على جدار حياتي العابرة.


■ ■ ■


ما أجملَ ألوانَ القيامة


1

كان المسيح في قاربٍ في البحر؛ وكان القارب يختفي في الضباب ويخرج منه إلى الرماد؛ إلى الأزرق.

2

كنتُ مع اثنين من أصدقائي في الحديقة العامة. أتحدّث إليهما عن آبار النفط والسيول. ثم التفتُّ ولم أجدهما؛ وكان المكان مظلمًا؛ غريبًا.

3

الرجل الذي كان مسافرًا عاد إلى قريته. كانت هناك امرأتان واقفتان عند باب البيت؛ فقالت إحداهما للرجل: "لقد انقطعت عنقُ الجرَّة" [وكانت تعني بذلك فتاةً تم قطعُ رأسها بتهمة الزنا].

4

أفكِّرُ في غرفةٍ مظلمة على طاولةٍ بجانبها نافذة؛ أفكِّرُ بالمجرّات تناثرت كنُثار الأزهار على بيوت الناس؛ وكنتُ صغيرًا؛ وكنتُ وافقًا بجانب أُمِّي. قلتُ لها ما أجملَ ألوانَ القيامة.

5

استطعتُ الآن أن أرى المرأة الداخلية. امرأة ذات حاجبين سوداوين ومقوّسين وخشنين؛ ووجه مستدير أسمر؛ جالسةً كإله هنديٍّ تنظر إليَّ بعينين واسعتين.

6

كان المسيح شيخًا ذا لحية بيضاء طويلة؛ وهو ينزل من صليبه أزال المسمارين القويّين من مكانهما غاضبًا وبعمق صرخ في وجهي.

7

مرّةً أخرى رأيتُ روبير ديسنوس في المقهى. كان يرسمُ لوحة "المرأة الأعلى". كان سعيدًا بلقائي به.

8

في غرفة صغيرة فيها ستارة زرقاء شفّافة ونافذة مشرعة؛ كانت امرأة ترتدي تنورة طويلة وشعرُها مكشوف؛ وبينما كانت ترمي الصفيحة قالت وهي تقصدني: "يجب أن تُكسر أيها اللعين".

9

كان موسى يسبح عاريًا في مسبح عميق جدًا؛ وكانت معه امرأة جميلة عارية والمسبح كما لو أنه فرنٌ حديديٌّ كبير في أعلى برج.


* شاعر من الأهواز

المساهمون