"الدراسات الشرقية في مصر": الآخر حين لا يكون الغرب

26 مارس 2018
(من مخطوط الشاهنامه الفارسي)
+ الخط -

غالباً ما يعني الدارس العربي حين يستخدم تعبير "الآخر"؛ الغرب، فهذه واحدة من الأمور التي خلّفتها الهيمنة الثقافية الكولونيالية علينا، حتى بات كل آخر هو الغرب، وكأننا في كفة والغرب هو الكفة الأخرى من العالم، متجاهلين الشرق الآسيوي والجنوب الأفريقي والأميركي، وعلى الأرجح أن هذا هو واقع الحال في ثقافات العالم غير الغربية، حيث ينظر إلى الغرب كنموذج وهو الذي تجري المقارنة والاختلاف والاتفاق معه.

ليس هذا فقط، فإن الدراسات المشرقية عن الشرق الهندي أو الآسيوي قد تستعين بالنظرة الغربية لفهم هذا الشرق أو ذلك الجنوب، وهذا سؤال يستحق التوقّف عنده والتوثّق من مدى صحته.

في هذا السياق، وتحت عنوان "الدراسات الشرقية في مصر" تنطلق أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية اللغات الشرقية في "جامعة عين شمس" صباح غدٍ الثلاثاء وتتواصل ليومين.

يتناول المؤتمر في جلساته المختلفة الكيفية التي درس فيها العرب بشكل عام وفي مصر بشكل خاص الشرق، ويحاول فهم العلاقة بين الدراسات الشرقية والعربية والمؤثرات التي حكمتها سواء أكانت سسيولوجية أو ثقافية أو سياسية.

تأتي عناوين الجلسات بناء على أربعة محاور؛ الأول يتعلّق بنشأة الدراسات الشرقية؛ ويتناول واقع هذه الدراسات في الجامعات المصرية، قبل أن ينتقل إلى العربية، كما يعود إلى استعراض تجارب جيل الروّاد في هذا المجال.

أما المحور الثاني، فيتطرّق إلى تطوّر الدراسات الشرقية فى مصر، ومستقبلها، حيث تخصّص الجلسات إلى دراسات اللغة والأدب والحضارة الإيرانية والتركية والأوردية.

في حين يخصّص المحور الثالث لبحث اللغات الشرقية والدراسات البينية؛ فيقدّم المشاركون أوراقاً حول هذه اللغات وعلاقتها بالدراسات الحضرية، والسياسية، والاقتصادية، والفلسفية.

المحور الأخير ينطلق من دراسة "الآثار والمخطوطات الشرقية فى مصر"، فيبحث في الآثار التركية، والفارسية، والهندية، وعلاقة كلّ هذه الآثار بالحضارة الإسلامية.

يشارك في المؤتمر باحثون من مصر وأذربيجان ولبنان والجزائر، ومن أبرز الأوراق التي تجري مناقشتها "الدراسات الشرقية في مصر بين الآفاق والمأمول" لمحمد السعيد جمال الدين، و"مسيرة قسم اللغات الشرقية فى آداب إسكندرية" لسميرة عبد السلام عاشور، و"دور دارسي اللغة الفارسية في خدمة الأهداف الاستراتيجية" لأحمد الخولي، و"اللغات الشرقية من الماضي إلى المستقبل" لـ ماجدة صلاح مخلوف.

فيما تقدّم الأكاديمية فردوس موسى ورقة بعنوان "دور الدراسات الشرقية فى مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين"، ويتناول الباحث طاهر محمد محمد مرزوق "أفعال الجوارح بين العربية والتركية: دراسة معجمية"، أما الباحث محمد يحيى المتولي ناصف فيقدّم ورقة بعنوان "المخالفة بين الأصوات فى اللغتين العربية والتركية"، ويدرس مصطفى موسى محمد شرف "التطوّر الحضاري لزمن الماضي الاستمراري في الفارسية"، أما ميهوب جعيرن من الجزائر فيبحث في "الدراسات الشرقية في الجامعات العربية بين الواقع والآفاق".

من لبنان تشارك الأكاديمية دلال حسن عباس بورقة تحت عنوان "العلاقات الثقافية بين إيران وجبل عامل (جنوب لبنان)"، وتتناول منال اليمنى عبد العزيز "كتاب مراتب الوصول عند النقشبندية المجددية"، وتبحث إيمان جمال الدين في "واقعة طبس وأثارها فى العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية"، بينما تقرأ رباب محمد أحمد السيد في "حركة ختم النبوة فى باكستان"، في حين يقدم الباحث يوسف السيد أبو الفتوح بدر ورقة بعنوان "العلمانية الجديدة عند إسماعيل نوري علا".

من أذربيحان يقدم الأكاديمي إمام ويردي حميدوف ورقة عنوانها "إطلالة على العلاقات الأدبية الأذربيجانية المصرية"، وبعنوان "ترجمة العنوان بين المهنية والإبداع" تحاضر الباحثة المصرية منى أحمد حامد محمود، بينما تدرس ولاء جمال العسيلي "مظاهر الاغتراب فى شعر منير نيازي"، ويقدم أحمد مراد محمود محمد الدسوقي دراسة حول "بناء الرواية عند ناظم حكمت، الدم لا يتكلم أنموذجاً"، ويتناول أحمد محمد جاد الحق سالم "صورة الحية البطلة في شعر المهجر الإيراني: ندا سلطان نموذجاً"، وتدرس أماني حسن سيد حسن "تقنيات ترجمة الحديث القدسي إلى اللغة الفارسية"

وتشهد آخر جلسات المؤتمر قراءة في "البراءة في الدبلوماتيقا العثمانية" للباحثة أسماء مكاوي محمود، ويبحث أحمد حلمي مرزوق عبد الله الحاكم في "الكتابات الفارسية على العملة فى العصر القاجاري"، ويقدّم أحمد محمد عبد الشكور أبو زيد عطية الله ورقة بعنوان "كليت مجمع شمسي أحمد باشا بمدينة إسطنبول: دراسة أثرية معمارية فنية مقارنة" بينما تتناول أميرة عادل السيد أحمد عشري "الآثار الشرقية وعلاقاتها بالحضارة الإسلامية، طائر الكركي عنصر فني".

رغم تنوّع الأوراق وتعدّد خلفيات المحاضرين، إلا أنه يؤخذ على المؤتمر أنه لم يغن برنامج محاضراته بباحثين من ثقافات أخرى يقرؤون في كيفية قرائتنا لهم، ويقدمون نقداً موضوعياً لها، كما أن المؤتمر لم يستضف دارسين عرب من بلدان غير لبنان والجزائر، في حين أن موضوع الدراسات الشرقية يستقطب كثير من الباحثين العرب في المغرب وتونس وسورية والعراق على وجه الخصوص.

المساهمون