يضمّ الكتاب 13 دراسة من أصل 27 قُدّمت في "المؤتمر الرابع لقضايا التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي" الذي انعقد في تونس يومي 12 و13 أيلول/ سبتمبر 2015، تناولت ثقافة العنف السياسي والهوية في المجتمعات العربية، إضافةً إلى خطاب العنف ولغته في الفضاءات الحضرية العربية.
انتظمت الدراسات في قسمين؛ الأول بعنوان "ثقافة العنف السياسي والهوية في المجتمعات العربية"، والثاني "خطاب العنف ولغته في الفضاءات الحضرية العربية". يحوي القسم الأول سبعة فصول؛ "ثقافة النحر وحرفة قطع الرؤوس ... أي معقولية؟" لـ علي صالح مولى الذي يقدّم مقاربة تحليلية نقدية للسياقات والمسارات التي تتحرك فيها هذه الظاهرة، و"تشريع العنف: النص في خدمة السلطة" لـ إحسان الحافظي الذي يرى أن النص شكّل مرجعية لإدارة العنف السياسي في العالم العربي، فجاءت السياسات الجنائية، كونها تُعنى بالجريمة والعقوبة، انعكاساً لسياسات أمنية سلطوية.
في الفصل الثالث "أولويات ثقافة العنف السياسي الناعم وتجذرها: الحالة المغربية أنموذجاً"، ينطلق رشيد شريت من فرضية مفادها أنه لا توجد قوة عنف ناعمة واحدة، بل هناك منظومة عنف ناعمة مركبة من ثلاثة أقسام: القوة الناعمة والأجهزة الأيديولوجية للدولة/ النظام، ودينامية التوازنات والتناقضات، أما الفصل الرابع "إشكالية العنف الهوياتي في ضوء الحراك الاجتماعي في المنطقة العربية" ببحث عبد الحميد بنخطاب الاستجابة الفورية للمطالب السياسية المتعلقة بالاعتراف بالهويات الجماعية والفردية المتصلة باحترام الحقوق الأساسية الفردية والجماعية وتدبير المخاطر الأمنية والسياسية الناجمة عن ذلك.
وجاء الفصل الخامس بعنوان "الدولة المتصدعة والمواطنة غير الأكيدة: بحث في التأطير الإثنو ثقافي للنزاعات في السودان" لـ أشرف عثمان الحسن، والسادس "التكيف الاجتماعي والهوية العرقية لدى فئة الشباب من أصول عربية مغاربية في فرنسا: حين يكون العنف إستراتيجيا هوياتية" لـ عزام أمين، والسابع "التسامح بديلاً من العنف في المجتمعات العربية المعاصرة: مقاربة نظرية عامة" لـ أحمد مفلح.
يتألف القسم الثاني من ستة فصول؛ الأول ""تيمة العنف في الخطاب الحزبي في المغرب: قضايا في اللغة والخطاب" ويحلّل فيه محمد الفتحي الخطاب الحزبي المؤسس على ثالوث اللغة والسلطة والعنف، والثاني "العنف اللغوي في الخطاب السياسي المغربي: دراسة في أيديولوجيا "الشتم السياسي" من خلال نظرية "أفعال الكلام"، يدرس خلاله محمد همام مظاهر اللغة العنيفة التي بدأت تحتلّ مساحات واسعة في الخطاب السياسي المغربي.
في الفصل العاشر "الهاتف المحمول والعنف الجندري في كردستان العراق: دراسة استطلاعية لآراء عينة من الشباب في مدينة دهوك" توصّل فيه روذهات ويسي خالد إلى أن للهاتف المحمول دورًا في العنف القائم على أساس نوع الجنس، أما "الفصل الحادي عشر، مضامين العنف عبر إيكولوجيا الفضاء الافتراضي الرمزي وتأثيرها في صناعة العنف السياسي بين الذات والآخر" يناقش من خلاله عبد الله ملوكي مساهمة البيئة الإعلامية الجديدة في بناء أرضية خصبة لانتشار أنواع السلوك العنيف عند الشباب.
مسألة العلاقة بين العنف الحقيقي القائم في المجتمع الواقعي والعنف الإلكتروني تنعكس في الفصل الثاني عشر "مشهدية العنف عبر وسائل الاتصال الحديثة: مخاطر ومخاوف" لـ نديم منصوري، بينما يبحث الفصل الأخير "العنف والعشوائيات في مصر: دراسة في المحددات والسياسات قبل ثورة 25 يناير 2011 وبعدها" لـ محمد العدوي النظرة المعاصرة إلى المهمشين والمحرومين التي تؤكد أنهم ربما يكونون ضحايا عنف هيكلي أو بنيوي ناتج من سياسات الدولة نفسها، وقصور في أداء مؤسساتها في التعامل مع تلك المناطق.