"هاملت بعد حين": صراع داخل الخشبة وعليها

15 فبراير 2018
(فريق المسرحية)
+ الخط -
على كثرة استعادات مسرح شكسبير وشخصياته وتكييفها ضمن حدود لا حصر لها، إلا أن "هاملت" إحدى المسرحيات التي استفاد مخرجون كثر من ترجمة مونولوغات بطله بما تحمله من مدلولات فلسفية عميقة، كما شكّلت فكرة إعادة تمثيل العمل داخل المسرحية فضاءً لتقديم مقترحات بصرية وجمالية لا تنتهي.

في نسختها الأردنية، يذهب المخرج زيد خليل مصطفى (1981) إلى فكرة أساسية مفادها أن هاملت الأمير/ الفنان المسرحي يتحرّك ضمن ثلاثة مستويات من الصراع؛ الأول مع السلطة حيث علاقته بعمّه كلوديوس، وثانيها مع العدو الذي لا يستطيع تحديده إلى أن يمتلك إرادته ويعرف هدفه، والثالث مع المسرح نفسه وربما تكون هذه هي الثيمة الأكثر عمقاً.

العمل يقدّم في "المركز الثقافي الملكي" في عمّان مساء اليوم الخميس بعد عرضه لثلاثة أيام متتالية، وينفتح على صالة عرض تجمع الممثلين الذين يؤدّون أدوارهم في ثلاث مساحات مختلفة، تفصل بينها الإضاءة واختار لهم أن يكونوا موسيقيين كلّ منهم يعزف على آلة تعبّر عن شخصيته وموقفه وآرائه، لكنّها تتداخل في لحظة ما حين تنبني الحبكة ومقولة العرض.

في حديثه لـ"العربي الجديد" يقول مصطفى إن "من بين الإجراءات البحثية لدى كلّ مخرج أن يذهب إلى نص إشكالي وجدلي، كما في مسرحية (هاملت) لشكسبير الذي اشتبك معه العديد من الكتّاب وأعادوا إنتاجه في رؤى جديدة، كما حدث مع الكاتب السوري الراحل ممدوح عدوان في "هاملت يستقيظ متأخراً"، وفي المقاربة الجديدة التي أقدّمها في نص ثالث كتبته بعنوان "هاملت.. بعد حين" يقارب النصّين المذكورين".

يتناول صاحب "الآنسة جوليا" (2007) شخصية هاملت الممثّل والمخرج والدراماتورغ، ما دعاه للعودة إلى مقولة عدوان الأساسية في نصّه الذي نشره عام 1976، والمتمثّلة في تحرير الفنون من سلطة السياسة لتتمكّن من خلق وعي جماهيري قادر على إحداث التغيير في المجتمعات، وهي الفكرة التي استحوذت عليه في أعمال سابقة وفي عدد من الورش التي قدّمها والبرامج التي أعدّها للتلفزيون حول المسرح.

لا يرى صاحب "إشارات وتحولات" أن الواقع العربي قد تغيّرت مضامينه منذ ذلك الزمن، في جميع مستوياته، في ما يتصل بالعلاقة مع السلطة، لكن ما حدث في السنوات الأخيرة من اختطاف الحراكات الشعبية أبعدنا عن القضية المركزية للعرب وهي فلسطين، وهنا يحضر مفهوم العدو الذي يتتبعه العرض.

هاملت يحاول أن يعيد للفن عموماً والمسرح بشكل خاص، أهميته التاريخية على تنوير المجتمعات وتطوير وعيها وتحديد البوصلة، حيث ترتبط الفنون عضوياً بواقع الناس وتشكيل ثقافتهم، إذ إن الفن هو الأقدر على استنهاض همم الناس نحو التغيير وكسر التقاليد البالية، بحسب مصطفى، الذي يؤمن بضرورة ذلك في زمن اختلطت فيه المفردات وتسطّحت القيم وتعوّمت المفاهيم.

يشارك في العمل الذي تقدّمه فرقة "مسرح ع الخشب" عدد من الممثلين؛ من بينهم: منذر خليل مصطفى، وبيسان كمال خليل، وبشار نجم، ونهى سمارة، وماري مدانات، وزينة جعجع، وباسم الحمصي، وهيراغ مراديان.

دلالات
المساهمون