في عام 1966، نشّر المؤرخ حَسن حسني عبد الوهاب (1884 - 1968) دراسة بعنوان "ورقات في الموسيقى وآلات الطرب في القطر التونسي" في إطار سعيه لبلورة هوية وذاكرة جمعية للتونسيين؛ مشروعه الأساسي الذي كرّس له جلّ مؤلّفاته.
شارك صاحب كتاب "وصف إفريقية والأندلس" في أول مؤتمر عُقد حول الموسيقى العربية في القاهرة عام 1932 وترأّسه أيضاً، واهتمّ لاحقاً بتطوير المناقشات والأفكار حول نظرته إلى مجمل الموسيقات التونسية باختلاف أنواعها الشعبية والبدوية والطرقية.
عن "دار آفاق- برسبكتيف للنشر"، صدرت حديثاً هذه الدراسة تحت عنوان "الموسيقى وآلات الطرب في القطر التونسي"، وجمعها كل من محمد المي وعبد الجليل بوقرة، وهي القسم الثاني من كتابه "ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية"، وقد حمل هذا القسم عنوان "الموسيقى وآلات الطرب".
يهتم المؤلّف في كتابه بمظاهر الحضارة العربية في بتونس على امتداد قرون، من آداب وعمارة وفنون ومنها الموسيقى خصوصاً؛ حيث ضمّنه سبعة وثلاثين عنواناً فرعياً يعكس كل منها نظرته إلى الموسيقى وآلاتها وتطورها واختلافها من منطقة إلى أخرى في أفريقيا، ومن عصر إلى آخر كالعهد العباسي والفاطمي والحفصي والتركي والحسيني.
كما يرصد عبد الوهاب أجواء الملاهي أيام بني الأغلب ومجالس الأنس برقادة وموكب الأعياد في باردو وطاقم الموسيقى العسكرية وهواة الموسيقى التونسية ورواتها، والمدوّنات الموسيقيّة وعالم الرقص والمجالس الأدبيّة وطقوس الغناء في بلاط السلطة آنذاك.
ورد في تقديم الكتاب أنه "يساهم في إماطة اللثام عن كتاب مجهول في ذلك الوقت ألفه التيفاشي القفصي هو "متعة الأسماع"، والذي يقارب تساؤلات عدّة شغلت المهتمين في الموسيقى في القرن الثالث عشر، ومنها كيف تؤثّر الألحان في النفوس الإنسانية؟ وهل تنجح فعلاً الصناعات الموسيقيّة في الاضطلاع بمهام علاجية؟ وأيّ دور للآداب والفنون في تحرير الإنسان من التزمّت والوعي المعادي للتنعم بمباهج الحياة؟ وكيف يتصدى الإبداع للجمود وقيم الانحدار؟ وهل تتضمّن سياقاتنا العربيّة القديمة والوسيطة مرجعيات فكرية وإبداعية مقاومة للتزمت وكبح الحريات الفرديّة؟