ديودونيه.. ماذا جرى في تونس؟

21 يونيو 2017
(من عرض لـ ديودونيه في 2014)
+ الخط -

في مساء الأحد 18 حزيران/ يونيو الجاري، كان من المتوقّع أن يصعد الفنان المسرحي الفرنسي من أصول كاميرونية ديودونيه على خشبة "قبة المنزه" في تونس العاصمة بمشاركة المسرحي التونسي مهدي محجوب. غير أن العرض جرى إلغاؤه في آخر لحظة.

إذا كان الإلغاء في حدّ ذاته مثيراً خصوصاً مع فنان إشكالي مثل ديودونيه، فإن الأكثر إثارة ربما هو الصمت المطبق الذي حفّ به، وكأنه عرضٌ لفرقة مدرسية ألغي لأسباب تقنية.

في الحقيقة هناك أسباب موضوعية لهذا الصمت، فالانشغالات الثقافية في تونس استهلكتها تخمة الفعاليات الرمضانية ولا يخفى أن عرض ديوديونيه نافرٌ عن السياق الرمضاني، ولكن أليس غريباً أن تترُك الصحافة المحلية الأمر يمرّ حتى دون تساؤلات، إذ لا نجد أكثر من إعلانات عن إلغاء عرض مسرحي كان مبرمجاً.

توجد أسباب أخرى لهذا الصمت، فالعرض لم يحظ بكثير من الإشهار في تونس، وظلّ موقع الفنان المسرحي الفرنسي هو أنشط من قام بالدعاية وكان واضحاً أن الجمهور الذي يستهدفه موجود في فرنسا وليس في تونس، وهو أمر ليس مستغرباً حين نعرف أن ديودونيه شبه ممنوع من العرض في فرنسا منذ فترة، وأن جمهوره بات يتعطّش لحضور عروضه، وقد وجد الفنان الساخر في تونس والمغرب، مهرباً من هذا المنع، كونهما بلدين قريبين جغرافياً وفيهما جاليات فرنسية واسعة كما أن جزءاً من مواطنيهما فرانكفونيو الثقافة. لكن، بعد حادثة تونس يبدو أن على المسرحي الفرنسي أن يبحث من جديد عن متنفس بديل.

قبل الإعلان عن إلغاء العرض بشكل رسمي في 17 من الشهر الجاري، كان ديودونيه قد نشر على صفحته الرسمية على فيسبوك بياناً مقتضباً منذ يوم 15حزيران/ يونيو يشير فيه إلى "تعطيلات خاصة بالموافقات الإدارية على العرض". كما جاء في نفس الكلمة "هذا الأمر مستمر منذ أسابيع (هل يمكن أن يكون ثمة ضغوط من قبل بعض الأطراف؟)".

تلميح ديودونيه، يفرض سؤالاً: ما الذي يجعل من عرض الفنان الكاميروني الفرنسي موضوعاً في قوائم العروض غير المرغوبة في تونس؟ المسألة لا تزال محاطة بالغموض، ولم تظهر دلائل جديدة أو أسباب معلنة حول إلغاء العرض.

قد يكون علينا العودة إلى السياقات الفرنسية، فديودونيه لديه هناك أكثر من سبب يعطّل صعوده على المسارح، طبعاً تأتي في صدارتها تهمة معاداة السامية التي تلاحقه منذ سنوات عديدة، ثم في 2015 أضيفت لها تهمة "مناصرة الإرهاب" حين سخر من شعار "أنا شارلي".

أخيراً ثمة سياق الفترة السياسية الدقيقة التي تعيشها فرنسا مع تعدّد المحطات الانتخابية والتي كانت في السابق مواسم يستغلّها ديودونيه للسخرية من كل شيء. كل هذه الأسباب ذات مرجعيات فرنسية، فما الذي يستنسخها في تونس إلا أن يكون بعضهم لا يزال يعتبر تونس امتداداً للمركز الفرنسي.

المساهمون