ضمن تقاطع الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع بعلم النفس، تتعدّد الدراسات التي تبحث في التأثير الثقافي على بناء شخصية الإنسان منذ نشأته، والتي بدأت مع الاهتمام بالمجتمعات التي يسودها نمط محدّد كالطاعة المطلقة ضمن تراتبية عائلية، وتأثير على سلوك أفرادها.
ويبرز العامل الثقافي في تكوين الشخصية ضمن اتجاهين، الاختلافات التي تظهر بتأثير من سلوك الآخرين، ويبدأ هذا التأثير منذ لحظة الولادة، والتغيرات التي تطرأ مع ملاحظة الفرد للأنماط السلوكية التي تميز المجتمع الذي يعيش فيه، وهذة الأنماط السلوكية لا تؤثر عليه مباشرة، ولكنها دائماً تقدم له نماذج لتطور أستجاباته المنطقية للمواقف المختلفة.
ضمن سلسة الأنشطة النقاشية التي تنظّمها "مكتبة قطر الوطنية" في الدوحة حول كتب التربية، تعقد جلسة عند الرابعة والنصف من عصر بعد غدٍ الخميس، وتشارك فيها كلّ من المدربة التربوية أماندا تينين، والأكاديمية كيلي نيلسون لمناقشة حول كتاب "أنثروبولوجيا الطفولة" للباحث الأميركي ديفيد لانسي.
يركز المؤلّف على "المنظور الأنثروبولوجي في الطفولة، ويلقي نظرة شاملة على كيفية تأثير الثقافة في تنشئة الأطفال، ودورهم في المجتمع، وكيف تبني العائلات علاقاتها مع الأطفال في ثقافات مختلفة"، بحسب بيان المنظّمين.
يتكوّن الكتاب من مجموعة مقالات حول تجارب الأطفال في جميع أنحاء العالم. في محاولة لتفسير المعاني الثقافية التي تنظم حياتهم اليومية، وكيف ينشؤون في ثقافات مختلفة، وكيف يتشكّل دورهم في المجتمع، وكيف يتم تنظيم العائلات والمجتمعات من حولهم.
تتشابك التأثيرات، بحسب لانسي، الذي يختبر هيكل الأسرة، ومفهوم التكاثر، وسمات القائمين على رعاية الأطفال داخل الأسرة أو المجتمع ، وطريقة معاملتهم في مختلف الأعمار من خلال لعبهم وتعليمهم ثم انتقالهم إلى مرحلة البلوغ.، وقدّم في الوقت نفسه تحليلاً ثقافياً للطفولة والأمومة ضمن الطبقة المتوسطة واختلاف مخرجها من مجتمع إلى آخر.
كما يدرس المؤلّف عملية قبول الطفل عضواً في المجتمع وما تفرضه من تحوّلات نفسية على مستوى السلوك في أبعاده المعرفية والحركية والانفعالية وكذلك على بناء الشخصية، وانتقال هذه القيم والموروثات عبر الأجيال.