يقول الفنان السوري الكردي أحمد قليج إن "الإنسان لطالما كان جوهر أعمالي، من خلال تفاصيلها وألوانها أغوص في أعماق الشكل وآثاره، أملاً في العثور على ما هو مخبأ بصمت وعناية".
هكذا يقدم لأعمال معرضه الجديد الذي يفتتح في "غاليري جانين ربيز" في بيروت الأربعاء المقبل، العاشر من الشهر الجاري، تحت عنوان "متاهات الروح"، ويتواصل حتى 16 آب/ أغسطس المقبل.
المعرض في معظمه أعمال بورتريه أنجزها قليج (1964) في الفترة الأخيرة، وليست هذه المرة الأولى التي ينشغل فيها بالوجوه فيطمس بعض الملامح ويبرز ملامح أخرى، وسبق له وأن عرض في الغاليري نفسه عام 2013 مجموعة بعنوان "وجوه مبعثرة".
عن هذا الانهماك بالوجوه وفن البورتريه يضيف قليج في بيان المعرض: "إنه الحنين إلى الوجوه المحفورة في الذاكرة، والتي تأبى أن تغادر. وجوه منهكة معجونة بالعرق والشمس، تتنهد أوجاعها وقد ضاعت بعيداً عن ألوان روحها، في متاهات لا تقود إلى شيء إلا الحلم".
يرسم قليج وجوه الرجال والنساء، وأحياناً يرسم الشخوص كاملة، من ذلك لوحة فيها امرأة تلتحف العراء الرمادي بملابس توحي أن البرد يحيط بها، هل هي امرأة لاجئة أم أنها فجأة وجدت نفسها وحيدة بلا بيت أو عائلة أو وطن؟ يقول قليج "نساء فقدت أقدامهن دفئ الأرض، تقفن على حافة الألم والترقب، هذه هي متاهات الروح".
يرسم قليج من خلال هذه الوجوه تجارب اليأس والفقدان والفقر والوحدة والاكتئاب، وهي تجربة مستمرة تغيرت ألوانها وزوايا النظر فيها، لكن دائماً ثمة حكاية ترويها اللوحة، ثمة دائماً فراغ يطوق شخصيات أعماله، رمادي عادة، أو أبيض ملطخ بالألوان، كما لو أن الفنان يحاول تقديم نسخته من الصور الواقعية التي تقتنصها كاميرات وسائل الإعلام للاجئين والفقراء والمنكوبين حول العالم.
ولد قليج في قرية معراته في مدينة عفرين، ونشأ في حي السريان في حلب وانتقل إلى حمص ثم بيروت، لذلك لن تخلو أجواء لوحاته من البنية الريفية ومن الوجوه المعجونة بالشقاء اليومي للأولاد والنساء.
تناول قليج في معارضه السابقة علاقته بالمكان مثلما فعل في معرض "جدل"، ورسم الواقع الكردي والهجرة في معرضه "ترحال" الذي أقام منه نسختين.