يفكّك حلاق في مشروعه البحثي الخطاب الغربي المتعلق بالشريعة، وما ينطوي عليه من تناقضات ومغالطات خطيرة، مشيراً على الدوام إلى أن حاجة هذا الخطاب إلى استبدال كامل، حيث اعتمد المستشرقون على اعتقاد أساسي مفاده أن الأخلاق والقانون منفصلان، وقد كتب الاستشراق مجمل تاريخ الشريعة بهذا التوجه نفسه، بحسب ما يوضح في أعماله.
"القرآن والشريعة": نحو دستورية إسلامية جديدة" عنوان كتابه الجديد الذي صدرت ترجمته حديثاً عن "الشبكة العربية للأبحاث والنشر"، ونقله إلى العربية أحمد محمود إبراهيم ومحمد المراكبي، بمراجعة وتقديم: هبة رؤوف عزت.
يأتي هذا الكتاب في سياق الجدل المستمرِّ حول علاقة الشريعة بالقانون والأخلاق، ليصبح من المهمِّ استنقاذ النقاشات من حمولات التأطير السياسي، وردها إلى ساحة الفكر والنقاش المنهجي.
تنبع أهمية فكرة الكتاب الذي يتضمن أربع دراسات، من كونها إسهاماً في النظرية الدستورية والسياسية معاً، وتسهم بقوةٍ في البحث عن إجابةٍ للأسئلة المركزية عن طبيعة "نظام الحكم" في الإسلام - لا بمعنى الإطار الدستوري فقط، بل بمعنى معايير الحكم على الحق والباطل والحلال والحرام والصلاح والفساد والمصلحة والضرر وغيرها.
كما تراجع تصوّرات نظام (الحكم) بمعنى تقسيم السلطات وموضع الفقه من القانون والوشائج التي تجمعهما في التصوُّر الإسلامي، وهي كلها أطرٌ فكرية لازمة قبل السعي إلى الاجتهاد في الصيغ العملية-المؤسسية والتصحيحية للواقع العربي والإسلامي نحو أنظمة عدالةٍ أكثر شمولًا وفاعليةً.
ينتقل القارئ من مراجعة افتراضات جوزيف شاخت ونقدها في الفصل الأول، إلى صياغة رؤية للدستورية الإسلامية ومنظومة الحكم في الفصل الثاني، ثم عودة في الفصل الثالث إلى إطلالة على المنهج الأصولي في فهمه لمرجعية القرآن والحجج التي يسوقها الشاطبيُّ في الردِّ على مخالفيه، إلى موضوع يطرح تساؤلات كثيرة حول إمكانية إحياء الشريعة وذلك في الفصل الرابع.