تسعى ملتقيات عديدة تقام في المدن المغربية إلى توثيق فن العيطة الذي تعود جذوره بحسب الباحثين إلى القرن الحادي عشر الميلادي نتيجة تفاعل التراثين العربي والأمازيغي، وتحتفط الذاكرة الشعبية تسعة أنماطٍ منه و52 إيقاعاً جرى توارثها عبر مئات السنين.
يستند هذا الفن إلى النداء الذي كان يجمع أهل القرى والجبال، في حوار شعري مبني على الارتجال والغناء الجماعي الذي يشترك فيه الرجال والنساء في حلقات رقص يبثّون من خلالها عن همومهم وحياتهم اليومية ضمن تعبيرات متنوّعة أساسها التحرّر بالجسد والكلمة واللحن، ما سمح بظهور الشيخات "مغنيات العيطة"، ونقد الظلم الاجتماعي والسياسي.
في هذا السياق، تنظّم العديد من المهرجانات سنوياً في مختلف المناطق المغربية، ومنها "مهرجان أصالة فن العيطة" الذي تنطلق فعاليات دورته الرابعة عشر في مدينة الدار البيضاء مساء اليوم السبت وتتواصل حتى الثلاثين من الشهر الجاري.
تحت شعار "فن العيطة التراث اللامادي"، تقام التظاهرة بتنظيم من "جمعية بوشعيب زليكة" التي تمزج بين الجانب التوثيقي والأكاديمي، والحفلات الموسيقية التي تقدّمها عدد من الفرق والفنانين، وتهدف إلى "تعريف وتكريم رواد هذا الفن الشعبي، الذين ساهموا بشكل أو بآخر إبان فترة الاستعمار في تسخير فنهم لإذكاء روح الحماس لدى الشعب المغربي الذي كان تواقا إلى الحرية و الانعتاق"، بحسب بيان المنظّمين.
يشتمل البرنامج على ندوة فكرية عنوانها "المحافظة على تراث موسيقي العيطة: الأنغام والإيقاعات والألحان بين التلقين الشفوي والتلقين العلمي"، تعقد بمشاركة باحثون ومتخصّصون منهم حسن نجمي وأحمد عيدون وعبد الكريم جلال وعزيز المجدوب، يناقشون تقعيد فن العيطة وتوثيقه بدلاً من الاعتماد على المرويات الشفاهية.
يتوزّع المهرجان على عدد من الفضاءات في المدينة منها "المركب الثقافي سيدي معروف" و"المركب الثقافي أبو عنان" و"ساحة ماريشال"، ويشارك كلّ من الفنانين محمد ولد الصوبة، أحد أبرز شيوخ العيطة الحصباوية، وعمر شريف الذي يقدم العيوط المرساوية الخاصة، أما العيطة الخريبكية فيمثّلها الفنان سعيد الخريبكي.
إلى جانب مشاركة الفنانة فاطمة تمنارت، والستاتي المذكوري وفرقة "زليكة للعيطة والفن الشعبي" التي تضمّ فنانين تخرّجوا من من برنامج التكوين المتخصّص في هذا المجال.