فبركة ثقة

16 سبتمبر 2016
بيتر كوغلر/ بلجيكا
+ الخط -

حين ظهر التحليل النفسي في بدايات القرن العشرين، حاول أوائل المشتغلين فيه تضخيم قدراته وجعله المفتاح السحري للنفس البشرية. كانت تلك إحدى وسائل افتكاك مكانة في المجتمع العلمي النابض في أوروبا وقتها.

بمرور العقود، بدأت هذه الثقة تهتز، فالسلطات استخدمت التحليل النفسي لفائدتها، وظهرت نزعات لحماية الحميمية البشرية التي لا يمكن وضعها تحت الضوء. في منتصف القرن العشرين، حاول جاك لاكان إعادة بناء الثقة من جديد، ومن أجل تفسير دور المحلل النفسي وإثبات نزاهته، اعتمد على شخصية ديبان التي ظهرت في قصّةٍ لإدغار آلان بو.

تقول القصة إن ملكة وصلتها رسالة، وحين همّت بفتحها دخل الملك ووزيره، ولكي لا تجلب التساؤلات وضعتها على الطاولة بشكل عادي، في حين أن الملك لم يشعر بالخدعة، أخذ الوزير رسالةً من جيبه ووضعها مكان الأولى.

هنا استعانت الملكة بشخص، يُدعى ديبان، والذي قام بنفس الحيلة، حيث أنه افتعل حادثة إطلاق نار بجانب مكتب الوزير، وقام بوضع رسالة بدل الرسالة الأصلية التي أعادها إلى الملكة. اعتبر لاكان أن ديبان قام بدور المحلل النفسي، الذي يعيد الرسالة (تصرّفات، مكبوتات، رموز الحلم ...) إلى صاحبها من دون أن يهتم بمضمونها.

صحيح أن التحليل النفسي عرف حيوية جديدة بعد لاكان، لكن لا أحد يمكنه التأكّد إن كان ديبان قد فتح الرسالة، وربما غيّرها.

دلالات
المساهمون