150 عاماً على ماتيس: تجارب الوحشية وبيكاسو والمغرب

09 مارس 2020
هنري ماتيس، تصوير: كليفورد كوفين، 1949، Getty
+ الخط -

بمناسبة 150 عاماً على ميلاد الفنان الفرنسي هنري ماتيس (1869- 1954)، هناك العديد من المعارض والندوات في متاحف وغاليرهات في عواصم أوروبية مختلفة بدأت نهاية العام الماضي، وستظل متواصلة حتى نهاية العام الجاري، حيث يعتبر ماتيس إلى جانب صديقه الفنان بابلو بيكاسو، من أبرز المساهمين في التغيرات الثورية في الفن البصري.

وُلد ماتيس في شمال فرنسا، لابن تاجر ثري، انتقل إلى باريس لدراسة القانون، ثم عمل فترة قصيرة في القضاء. بدأ الرسم أول مرة وهو في عمر العشرين، حيث كان يتعافى من إصابته بالزائدة الدودية، فأحضرت له والدته بعض الأدوات الفنية لإبقائه مشغولاً أثناء فترة التعافي.

سرعان ما أدرك ماتيس أن هذه المشاريع المبكرة في الرسم كانت جنّته، وقرر التخلي عن القانون ومتابعة مساره ضمن الفن وهو خيار خيّب آمال والده. كانت لوحاته المبكرة لا تزال عادية وليست إلا مناظر طبيعية من الطراز التقليدي.

ومع ذلك ، تغير كل شيء في عام 1896 عندما تأثر بأعمال فان غوغ والإنطباعيين، تحول أسلوبه بالكامل وأدى استخدامه المشرق والمتفجر للون إلى اعتباره أحد أبرز أسماء المدرسة الوحشية، والتي ابتعد عنها لاحقاً محتفظاً منها بعلاقته بالألوان بعد أن طورها وجعلها أكثر أناقة وبساطة.

غالبًا ما يقارن هنري ماتيس ببابلو بيكاسو، وهو صديقه ومنافسه في آن، والتقى الاثنان عام 1906، لقاء رتبته الكاتبة والمقتنية الأميركية جيرترود شتاين. في البداية، كان ماتيس وبيكاسو يكرهه كل منهما لوحات الآخر؛ ومع ذلك، شعر كل منهما أن في عمل الآحر شيء مؤثر لا يمكن تجاهله.

من تلك النقطة فصاعدًا أصبح الفنانان صديقين مقربين، وقال بيكاسو مرة "لم يسبق لأحد أن نظر إلى لوحة ماتيس بعناية أكبر مني، ولم يطلع أحد على أعمالي بعناية أكبر مما فعل ماتيس"، وبدأ كل منهما يلهم الآخر حتى أن لوحة ماتيس "رغد العيش" التي أنجزها عام 1906، جعلت بيكاسو يرسم لوحته "آنسات أفينيون" عام 1907.

حدث هذا الأمر بالاتجاهين، فبعد دخول بيكاسو إلى مرحلة التكعيبية، استجاب ماتيس برسم صورة تجريدية "مدام ماتيس" عام 1913، ثم رسم بيكاسو عملاً يقابل هذه اللوحة وهو "بورتريه لفتاة صغيرة" في 1914.

من أبرز المعارض التي تحتفي بتجرية ماتيس، تلك التي يطلقها مركز بومبيدو في باريس، ينطلق في 13 من الشهر الجاري ويتواصل حتى نهاي أغسطس/ آب المقبل. ويركز المعرض على العلاقة بين النص والصورة في أعمال الفنان الفرنسي.

زار ماتيس المغرب ورسم طنجة في عدة أعمال وتأثر بالألوان المغربية وكتب "لقد جاءني الوحي دائماً من الشرق"، وأعادته المدينة إلى رسم المناظر الطبيعية واعتبر أن إقامته في المغرب أعطته شحنة وطاقة خاصة في تجربته الفنية.

اعتبر ماتيس دائماً أن أهمية الفنان "تقاس بكمية الإشارات الجديدة التي قد يقدمها في اللغة البصرية"، وهذا ما حاول أن يقدمه طوال حياته، ومن خلال عمله الذي سعى إلى قلب النظرة الحديثة للفن عبر مجموعة متنوعة من التقنيات التي طورها بلا كلل في الرسم والتخطيط والنحت والكتب المصورة.

المساهمون