شكّلت صورة أثينا كمركز حضاري مؤثّر في العالم القديم مُنطلَقاً أساسياً لرحلات الأوروبيّين منذ عصر النهضة، والذين كان يزورونها في طريقهم إلى الحج في بيت المقدس، أو في زيارات مخصّصة للتعرّف على ذلك البلد الذي احتل تاريخه مكانة هامّة لديهم منذ القرون الوسطى.
في تلك القترة، صدرت عدّة مؤلّفات حول المدن والمعمار والثقافة اليونانية، وآخرون اهتموا بالمناظر الطبيعية ضمن أرخبيل الجزر في شرق البحر المتوسط، وكذلك بأحوال الناس أثناء الحكم التركي وبعد الاستقلال عنه، وبالطبع جرى الالتفات للازدحام وارتفاع درجات الحرارة وغيرها من المظاهر السلبية.
"اليونان في صور الرحّالة الأوروبيّين" عنوان الكتاب الذي صدر مؤخراً للباحثة أفروديت كوريا، والذي ستتمّ مناقشته عند السابعة من مساء بعد غدٍ الجمعة في "المركز الهيلني" في لندن، ويتناول الانطباعات التي تشكّلت حول المدن اليونانية منذ القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع عشر.
يتحدّث في اللقاء كلّ من المؤرخة البريطانية بيتاني هيوز، والقيّم الفني اليوناني ثيودوروس كوتسوجيانيس، بحضور المؤلّفة، حيث يستعرضون عدداً من النصوص التي تضمّنها الكتاب، إلى جانب اللوحات التي وثّقت مشاهد من الحياة اليومية في المدن، والمناظر الطبيعية والمعالم الأثرية القديمة والأزياء.
يشير بيان الفعالية إلى أن "الكتاب يحوي جوانب متعدّدة ومثيرة للدرس تتجاوز حدود أدب الرحلة ومضامينه التقليدية، إلى نقاش حول الكثير من الأيقونات واللوحات والجداريات التي ميّزت الفن اليوناني خلال تلك الحقبة الزمنية".
لا ينفصل النقاش عن النظرة الاستشراقية التي هيمنت على أدبيات الرحّالة في ما يتعلّق باليونان، وهي نظرة مركّبة تجاه جذرهم الحضاري الذي يفتخرون به من جهة، ويرغبون في الاستحواذ عليه من جهة أخرى، ربما لأن أصحابه تراجعوا حضارياً، ما يفسّره نقل العديد من القطع الأثرية اليونانية إلى المتاحف الأوروبية، والتي لا يمكن إغفالها عند مراجعة تلك الرحلات.
الكتاب يلفت أيضاً إلى آلاف العناوين التي وُضعت حول تلك الأسفار خلال ما يقارب الأربعة قرون، وقدّمت مشهداً دقيقاً لثقافة وعادات وتقاليد الشعب اليوناني، وتراثه في العمارة والمأكولات والأزياء وغيرها.