تحضر أزمة صناعة الكتاب العربي في فلسطين المحتلة عام 1948 ضمن مستويات متعدّدة، إذ تشير الإحصائيات السنوية الرسمية في الكيان الصهيوني إلى أن الإصدارات الجديدة باللغة العربية لا تتجاوز نسبتها 3% من مجموع العناوين المنشورة، بينما يفوق عدد العرب 20% من مجمل السكان حالياً.
في الوقت نفسه، فإنه لا يوزّع عربياً إلا القليل من الكتب التي تصدر سنوياً لكتّاب فلسطينيين من هذه المناطق، وينطبق الأمر ذاته على توزيع دور النشر في البلدان العربية التي لا تكاد تصل إصداراتها أيضاً إلا ما تقدّمه بعض دور النشر في الأردن و"أراضي السلطة الفلسطينية" التي وقّعت تفاهمات لتبادل المطبوعات مع مكتبات في مدينة حيفا المحتلة تحديداً خلال السنوات الأخيرة.
مشهد أسّست له سياسات إقصاء اللغة العربية وتهميشها في المشهد الثقافي والحياة اليومية على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي سواء في المناهج الدراسية أو وسائل الإعلام أو اللوحات الإرشادية في الشوارع، بينما تدعم هذه السلطات غير الشرعية إصدار مطبوعات أو محتوى بلغات للمستوطنين بلغاتهم الأصلية مثل الروسية والفرنسية والألمانية والجورجية وغيرها.
برزت مؤخراً بعض الفعاليات التي يسعى منظّموها إلى توزيع إصدارات كتّاب فلسطين المحتلّة عام 1948 وبعض العناوين التي تأتي فرادى من دور نشر في العالم العربي، ويبدو لافتاً في هذا الإطار إعلان "جمعية الثقافة العربية" في حيفا عن انطلاق دورتها الأولى من معرض الكتاب مساء غدٍ الخميس، والتي تتواصل حتى السابع عشر من الشهر الجاري. الجمعية التي أسستها وأدارتها عبر عقدين روضة بشارة عطالله (1953-2013)، ما زالت تشكل فرقاً نوعياً في العمل الأهلي الفلسطيني في ما يخص الحفاظ على اللغة والهوية العربيتين ولا سيما عند الأجيال الفلسطينية الجديدة.
تُفتتح التظاهرة غداً في مقرّ "المركز الثقافي العربي" في المدينة، وتجمع إصدارات خمسة مراكز أبحاث فلسطينية وعربية في مكان واحد، هي: "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، و"مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة"، و"مدار- المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيليّة"، و"مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة"، و"مسارات- المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات"، إضافة إلى زاوية خاصة بكتب ومنشورات الجمعية، والتي أصدرتها عبر سنوات عديدة.
يتضمّن برنامج الافتتاح كلمة تلقيها رلى خوري، المديرة العامة للجمعية، وكلمة لأنطوان شلحت، رئيس الهيئة الإدراية، إضافة إلى حفل للموسيقي غسان بيرومي، ومحاضرة للباحث إسماعيل ناشف بعنوان "مهمة الباحث/ة، في عبء السؤال الفلسطيني"، يحاوره فيها الصحافي ربيع عيد.
يضم المعرض مئات العناوين المتخصّصة في مجالات عدّة: العلوم السياسيّة، وعلم الاجتماع، والتاريخ، والفلسفة والفكر، والإعلام والدراسات الثقافيّة، والعلاقات الدوليّة، القضية الفلسطينيّة، ودراسات حول إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي، والمذكرات، ومجلات فكريّة وعلميّة محكّمة، وغيرها. كما يقدم مجموعة من الندوات من بينها ندوة تعقد الأحد المقبل حول ثلاثة من الكتب الأخيرة للمفكر العربي عزمي بشارة صدرت عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، هي: "الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة"، و"في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟"، و"تنظيم الدولة المكنى داعش"، يتحدّث خلالها الباحثون علي حبيب الله، ومهند مصطفى، ورامي منصور، ويديرها أنطوان شلحت.
كما ينظّم حفل توقيع كتاب "العرب الدروز في إسرائيل مقاربات وقراءات نظريّة وسياسيّة ناقدة" الصادر حديثاً عن "مدى الكرمل" يشمل حواراً مع محرر كاتبه الباحث يسري الخيزران تديره نضال رافع، وحفل إشهار كتاب "سيسموغرافيا الهويّات: الانعكاسات الأدبيّة لتطوّر الهويّة الفلسطينيّة في إسرائيل، 1948 - 2010" من إصدار "مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة"، يعقبه حوار مع مؤلّفه منار مخول تديره مريم فرح. وتوقيع لكتاب "التديُّن في مناهج وكتب التعليم في إسرائيل" من إصدار "مركز مسارات" يضمّ حواراً مع كاتبه جوني منصور يديره أحمد دراوشة.
وتقام بعد غدٍ الجمعة حلقة قراءة مع مجموعة "إنسانيات" حول "السيادة والدولة"، ويعقبها حفل توزيع جوائز مسابقة القصّة القصيرة لطلاب المدارس الإعداديّة والثانويّة التي نظمتها "جمعية الثقافة العربية" مؤخراً. وفي اليوم الثالث، تعقد ورشة للأطفال بعنوان "فن طي الورق الياباني؛ الأوريغامي" يديرها عمر عمّوري. ويختتم المعرض بحفل لفرقة "كلاسلكي" التي تضمّ الموسيقييْن فادي ديب وشادن نهرة.