محجوب بن بلّة: رحيل فنّان الحرف والضوء

12 يونيو 2020
(1947 - 2020)
+ الخط -
في مدينة توركوان شمالَي فرنسا التي احتضنت مرسمه منذ هجرته إليها منتصف ستّينيات القرن الماضي، رحل أمس الخميس الفنّان التشكيلي الجزائري محجوب بن بلّة (1946 - 2020)، تاركاً مئات اللوحات التشكيلية التي توزّعت بين عددٍ من المتاحف والغاليريهات العالمية والجدارياتِ التي ملأت فضاءات عامّة في فرنسا وخارجها.

وُلد التشكيلي الراحل في مدينة مغنية قرب الحدود الجزائرية المغربية، وانتقل إلى وهران لدراسة الفنون الجميلة، قبل أن يُغادر إلى فرنسا وهو في الثامنة عشرة من عمره. كان ذلك في عام 1965، السنة التي شهدت فيها الجزائر انقلاباً عسكرياً على عمّه أحمد بن بلّة (1916 - 2012)؛ أوّلِ رؤساء البلاد بعد الاستقلال انتهى بسجنه.

في توركوان، سيلتحق بن بلّة بمدرستها للفنون الجميلة، قبل أن يواصل دراساته في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بباريس، ليبدأ لاحقاً في رسم سلسلة من الأعمال التشكيلية التي ظلّت أجواءُ ثقافته الأصلية ومدينته الأمّ حاضرةً فيها؛ من خلال عناصر من التراث المحلّي تتمثّل في التمائم وألواح الكتاتيب، إلى جانب الخط العربي الذي كان الأكثر حضوراً في لوحته التي تتميّز بثراء لوني وسطوع ضوئي.

إلى جانب اللوحات، أنجز بن بلّة العديد من الجداريات الضخمة؛ من بينها عمله "عكس الشمال" الذي أنجزه عام 1986 على مساحة تقارب خمسةً وثلاثين ألف متر مربّع؛ حيثُ تغطّي الطريق الرابط بين باريس وروباي على مسافة 12 كيلومتراً، ولوحتُه في "ملعب ويمبلي" غربَي لندن التي كرّم فيها الرئيس الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا سنة 1988، ولوحتة أخرى تمتدُّ على مساحة أربعة آلاف متر مربّع في ملعب باسيمبو لكرة القدم في مدينة ساوباولو البرازيلية (1999)، إضافةً إلى جدارية في محطّة مترو بمدينة توركوان أنجزها عام 2000.

أقام بن بلّة الكثير من المعارض الفردية وشارك في العديد من المعارض الجماعية في مدن مختلفةٍ من العالم، واقتنت لوحاته متاحف وصالات عرضٍ بارزة؛ من بينها: "معهد العالم العربي" في باريس، و"المتحف البريطاني"، و"متحف الميتروبوليتان" في نيويورك.

وكان على الجزائريّين أن ينتظروا حتى 2012 ليروا أعماله معروضةً في بلادهم؛ حين نظّم "متحف الفنون المعاصرة" في الجزائر العاصمة صيف ذلك العام معرضاً كبيراً استغرق التحضير له سنةً كاملة، وضمّ قرابة مئتَي عملٍ تُمثّل تجربته الممتدّة على مدار نصف قرن.

كذلك جرى تكريمُ بن بلّة في المعرض الذي نُظّم بمناسبة مرور خمسين سنةً على استقلال الجزائر وتوزّع على مساحة ثلاثة آلاف متر مربّع، وكانت تلك مناسبةً ليعود إلى مسقط رأسه في مدينة مغنية لأوّل مرّة بعد غيابٍ دام خمسة وخمسين عاماً.

المساهمون