مونتاج للحريات

02 يوليو 2015
"الديمقراطية قادمة"، هدى لطفي / مصر
+ الخط -

لـ روسو سؤال ماكر: "ألا يمكن للحرية أن تُصان إلا بالاستناد إلى العبودية؟". ليست الإجابة نظرية، إنها تجربة تتكرّر. وإن السؤال نفسه يستقر فوق أكثر من أرض عربية اليوم، وتبدو الإجابة عليه فوقية: ستُصان الحريات بالاستناد إلى العبودية.

ففي لحظة انفعالها، كما حدث في خطابات رئيسَي تونس ومصر إثر عملية سوسة واغتيال النائب العام، تبدي السلطة نزعة إظهار القوة فتتحرّك باتجاه مراجعة مكتسبات الحريات، في سياق الوعود بإعادة الأمن.

فلنتخيّل عملية مونتاج، نرّكب فيها نص سؤال روسو على أي فيديو من خطابات الرؤساء. سترتسم أمامنا الكثير من الملامح المغيّبة رغم أن المعادلة بسيطة؛ ثمة سلطة تأتي وفي جيبها قائمة رغبات محشوّة بالمصالح، في مقابل إرادة شعبيّة انتزعت مساحات من الهواء الطلق تتحرّك فوقها.

هنا، من الواضح أن قائمة الرغبات ستحتاج، لكي تمرّ، إلى تقليص مساحة الإرادة الشعبية وجعلها خرساء. وفي سبيل ذلك، تتزين المصالح بأثواب المنفعة العامة وتتسرّب حين يكون الحديد ساخناً بالرعب.

إن لحظة انفعالية السلطة كاشفة فاضحة. وقد قال روسو أيضاً: "لا بد من تزييف طويل في المشاعر والأفكار حتى يتمكن الإنسان من إقناع نفسه باتخاذ آدمي مثله سيداً، وأن يتباهى بأن حالته سوف تكون الأفضل". غير أن الأفضل موجود في الاتجاه المعاكس للمكان المشار إليه.

المساهمون