رد التحية إلى فارس يواكيم

18 ديسمبر 2016
(يواكيم)
+ الخط -

لو قدّر لفارس يواكيم أن يشتغل بالكتابة فقط، لأتحف المكتبة العربية بكنوز كثيرة، إذ إنه عمل في مجالات متعددة، من الصحافة إلى المسرح والسينما والترجمة والبحث، وانفتح على مختلف فنون الإبداع والتفكير، والتقى رموزها الكبيرة في ثقافتنا العربية وعرفها عن قرب.

كان فارس وما يزال بالنسبة إليّ معلما وصديقا، ومن أجمل المفاجآت التي سأعيشها في ألمانيا.

لسنوات كنا نسرع إلى لقائه -هنا في ألمانيا- ونتحلّق حوله، كل منّا قادم من بلد، وكل منّا تشغله اهتمامات مختلفة، ولكنا جميعا نحثّ الخطى للقائه والاستمتاع بمعرفته وحسّه الساخر ونكتته، وقصصه التي لا تنتهي إلا لتبدأ.

حدثني فارس يواكيم عن أشعار المسيحيين حول الإسلام منذ فترة طويلة، هو العارف بالقرآن والإنجيل. وكنت أنتظر بشوق نشر كتابه "الإسلام في شعر المسيحيين"، ولربما نشره فارس في وقت أكثر من مناسب. فمأساة المسيحيين العرب في السنوات الأخيرة أضحت على كل لسان، ومن يقرأ قصائدهم في الرسول والإسلام والعربية، لن يستطيع سوى أن يشعر بالخجل.. خجل مؤلم ومدم. ولكن ألم يقل القرآن الكريم "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا".

في كتابه "يحرقون الحرية"، سيندهش الشاعر المغربي محمد بنيس لعدم خروج مظاهرات في العالم العربي للتضامن مع المسيحيين العرب وما يعانوه على يد قوى الظلام وسيتساءل أيضا لماذا يغيب درس المسيحية عن المقررات الدراسية في الوطن العربي؟ وكان الراحل محمد أركون قد سبق وانتقد ذلك. ومن حقنا أن نتساءل أيضا: لماذا لا نقرأ ما كتبه المسيحيون منا عن الإسلام ورسوله؟

يقدم لنا كتاب فارس يواكيم الصادر مؤخراً في لبنان، مدخلا حقيقيا لفهم تلك العلاقة الروحية التي جمعت المسيحيين العرب بالإسلام وتاريخه ولغته، وهذه أبيات من قصيدة للشاعر جاك شماس، لربما تلخص رؤية المسيحيين العرب للإسلام أحسن تلخيص:
إني مسيحي أُجلّ محمـــــــــدا وأُجلّ ضاداً مهدها الإسلامُ
وأُجلُّ أصحاب الرسول وأهله حيث الصحابة صفوةٌ ومقامُ
كحّلت شعري بالعروبة والهدى ولأجل طه تفخر الأقلامُ
أودعت روحي في هيام محمدٍ دانت له الأعراب والأعجامُ
ويكاد يفلقني تمزّق أُمتي فالقدس تلظى والورى نيّام
والجامع الأقصى يطوَّق بالقنا والنفس تغلي والقلوب ضرامُ
هل تذكرون محمداً في قوله "لا الشمس لا قمر ولا إرغامُ"


المساهمون