"تأويلية اليومي": خيط بين الفلسفة والفن

21 ابريل 2019
(من أعمال ضيف الله)
+ الخط -

بات التناول الفكري لمسائل الحياة اليومية من بين ثوابت الفنون التشكيلية منذ عقود، حيث ينفتح الفنانون أكثر فأكثر على المشهد الفكري ونظرياته مقدّمين، هم أيضاً، طروحاتهم حول أكثر القضايا تعقيداً. في الاتجاه المعاكس، تظهر أيضاً محاولات إبداعية من مشتغلين في المجالات الفكرية والنظرية، وهي مساهمة تفتح الفضاءين الفكري والفني على بعضهما.

حتى الثالث من الشهر المقبل، يتواصل في "رواق علي القرماسي" في تونس العاصمة معرض "تأويلية اليومي" الذي يقدّم لوحات لأستاذة الفلسفة في "الجامعة التونسية" فوزية ضيف الله، ولعلّنا من العنوان نتحسّس ذلك الرافد الفكري الذي تقوم عليه كلّ الأعمال المعروضة.

في حديث إلى "العربي الجديد"، تقول ضيف الله: "يجمع هذا المعرض جانبين مني: الفلسفة والحياة، وكذلك الفكر والفن، أو العقل والحركة. بالنسبة لي، التأويلي هو الجانب الذي أرى به يوميات الحياة. واليومي هو ذلك المألوف الذي صار مبتذلاً لأننا لم نعد ندرك الجمال الذي يحتويه".

حول الانتقال من البحث الفلسفي إلى الفن التشكيلي، تقول: "يؤرّخ هذا الانتقال إلى طور مخصوص في حياتي الفكرية. لكنه غير منفصل في ظهوره عنها. الفلسفة هي التي قادتني إلى الفن. والآن أنا أسعى إلى توظيف الفلسفة في الفن، أي إلى إيصال الأفكار الفلسفية عن طريق اللوحات الفنية".

تضيف صاحبة كتاب "كلمات نيتشه الأساسية ضمن القراءة الهيدغرية" بأن "الرسم يتيح قراءة وتأويل ما تعجز عن توضيحه الفكرة. أنا أرسم أفكاراً ومفاهيم. أعتقد أنني أرسم أطروحات فلسفية".

سبق لضيف الله أن رسمت لوحات تعبّر عن أفكار فلسفية أساسية مثل فكرة العود الأبدي عند نيتشه، وحاولت تقديم تصوّر صاحب "العلم المرح" للحياة وسمّتها بـ"شذرات من حياة". ورسمت لوحة تقرأ برغسون بعنوان "التفكير والمتحرك".

تشير ضيف الله إلى أن "الانتقال إلى الفن كان في البداية ضرباً من المزاح والفسحة، لكنه الآن بات أمراً جدّياً". كما تعرّج قائلة: "اللوحات التي أمارس فيها تأملات فلسفية هي أقرب إلى نفسي وعقلي ولكن ثمة لوحات أخرى اشتغلت عليها لإتقان تقنيات الرسم المختلفة والتعرف على مدارس متعددة في تاريخ الفن".

المساهمون