تشير أدبيات الكنيسة المصرية إلى أن مرقس الرسول، تلميذ السيد المسيح (5 – 68 م) هو من أسّس كنيسة الأقباط ويعتبر بطريركها الأول لنحو ثلاثة عشر عاماً قبل أن يستشهد في مدينة الاسكندرية، التي ظلّت مقرّ الرئاسة الدينية في مصر حوالي عشرة قرون.
في منتصف القرن الحادي عشر، انتقل مركز الكنيسة إلى القاهرة حين أنشأ البطريرك السادس عشر خرستوذولوس (1040 – 1077م) الكنيسة المعلقة، لتنتقل مرة ثانية إلى كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة في زمن البابا يؤانس الثامن البطريرك الثمانون (1300- 1320 م)، وتبقى مكانها حتى عام 1965 حين وضع وضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية الجديدة بالعباسية لتصبح المقر الجديد، وصولاً إلى كاتدرائية ميلاد المسيح التي افتتحها البابا تواضروس عام 2019.
عن "مكتبة الإسكندرية"، صدر حديثاً كتاب "المقر البابوي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية عبر التاريخ في مصر"، الذي يتضمّن عشرات الصور الملونة والخرائط والوثائق والرسوم التخطيطية، أعدها ثمانية باحثين، قدموا تسعة أبحاث تناولت العديد من الجوانب المهمة تاريخياً، ولغوياً، وفنياً وحضارياً ومعمارياً حول المقر البطريركي وتنقلاته.
حرّر الأبحاث الأكاديمي لؤي محمد سعيد، مدير "مركز الدراسات القبطية" بالمكتبة، الذي أوضح أن "منصب البابا لم يكن منصباً دينياً فقط، بل كان منصباً شعبياً ووطنياً، لأن صاحبه كان يجلس على كرسي البابا عبر الانتخاب بينما كان يفرض حكام البلاد على الناس خلال القرون الماضية بمصر".
يتتبّع الكتاب رحلة انتقال المقر البابوي منذ القرن الأول الميلادي بين الإسكندرية والوجه البحري والدلتا وحتى العاصمة المصرية القاهرة في القرن الماضي بعد إنشاء الكاتدرائية بحي العباسية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
ويفصّل المؤلّفون الجديد ملابسات وظروف نقل المقر البابوي خلال ما يقرب من ألفي عام، كما يضيء على التصميم المعماري والفني لكل مقرّ بطريركي، وطبيعة تأثّره بالفنون والصنائع التي كانت موجودة في كلّ مرحلة من المراحل المذكورة.
من بين أبحاث الكتاب: "كنائس المقر البابوي داخل مدينة الإسكندرية (من القرن الأول حتى القرن الحادى عشر)" لـ يوسف تادرس الحومي، و"تنقلات المقر البطريركى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية خارج الإسكندرية" لـ لورين غبور، و"أماكن تكريس البطاركة في القاهرة وفقًا لمخطوط تاريخ البطاركة المنسوب لساويرس بن المقفع" لـ ملسيا منصور، و"ألقاب البطريرك القبطي عبر العصور" لـ ضياء جابر، و"أشكال وأنواع كرسي البطريرك القبطي في العمارة والفن" لـ زينب حنفي.