صفاقس.. تجميل المدينة أم تكريس صورة فولكلورية؟

13 اغسطس 2017
(من صفاقس العتيقة، تصوير: زاهر كمّون)
+ الخط -

حالة تتكرّر في عدد من المدن العربية، كلما أُعلن عن مشروع لإعادة تأهيل مبانيها القديمة، أو إضفاء بعدٍ جمالي على معالمها، فتأتي اعتراضات على تشييد نصب وتجهيزات لا صلة لها بالفن، أو تنفيض أعمال عشوائية لا تتوافق مع معمارها القديم، دون الأخذ بالاعتبار أن التخطيط العمراني اليوم يعتمد على رؤى يضعها معماريون وفنانون وأنثربولوجيون واقتصاديون ومتخصّصون في علوم البيئة وممثلين عن المجتمع المدني.

يبدو أن مدينة صفاقس (جنوب شرق العاصمة التونسية) لم تشذّ عن شقيقاتها، حيث تصاعدت الانتقادات على برنامج بلديتها لتجميل الفضاء العام الذي بدأ نهاية الشهر الماضي، ما دفع إلى إصدار بيان وقّع عليه عدد من التشكيليين وأساتذة الفن، احتجاجاً على عدم إشراك المبدعين في وضع رؤية للمشروع.

وأشار المحتجون إلى نصب نماذج من سفن وقناديل ومدافع قديمة أمام بعض المؤسسات العامة تغيّب أي طرح فني بسبب ميلها إلى "الرمزية السطحية والركيكة وتقديمها صورة فولكلورية فجّة وتكريسها ذائقة تعتمد المباشرة الكسولة"، بحسب البيان.

واستنكر الموقّعون ما أسموه بـ"إقصاء الخبراء والمختصّين في تصوّر البرنامج التجميلي وتنفيذه"، معبّرين عن تخوّفهم من "مغبّة افتقار هذا البرنامج إلى أبجديات المعرفة الجمالية المتعلّقة بالفضاء العام وخصوصياته"، كما طالبو بـ"ضرورة إشراك "المعهد العالي للفنون والحِرف"، بوصفه المؤسسة الأكاديمية المعنية بإبداء الرأي في مثل هذه البرامج".

من جهتها، ردّت بلدية صفاقس بالحديث عن عقدها جلسات مع عدد من الأساتذة الذين يدرّسون في المعهد والتحاور معهم والأخذ بآرائهم، لكنها لم تشر إلى اعتماد صيغة أو مقاربة شمولية بعينها بالتوافق معهم، وهو ما دفعها إلى التأكيد على أنها "تبقى منفتحة على أي مقترح يُقدّم في مجال تجميل المدينة".

ليست المرّة الأولى التي تنفّذ مشاريع لتجميل صفاقس، التي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 849 م، ولن تكون الأخيرة في توجيه الانتقادات إليها، والتي ليست بالضرورة صائبة، غير أن التشوّهات المستمرة في مدننا العربية تفرض الاستماع إلى وجهات نظر أخرى لم يجر الالتفات إليه مسبقاً.

دلالات
المساهمون