جداريات تمزج الخطّ العربيّ بفنّ الغرافيتي. هذه السمة الأبرز في أعمال الفنان التونسي "إل سيد"، الذي انطلق اليوم معرضَه في "غاليري تشكيل" في دبي، ويستمر حتى 27 من الشهر المقبل.
الناظر إلى أعمال "إل سيد" التي تتوزّع عادةً على جدران المدن وفي مناطق نائية خارجها، تتجلّى له أوّلاً مهارة تخطيطية تقارع أبرز حروفيي خطّنا العربي. لكن الفارق بينه وبين هؤلاء هو أنّ التعبير الذي يعتمده لا يرتكز فقط على معنىً مُسيّر بواسطة حروف تمكن قراءاتها، بل أيضاً على خطوط مجرّدة (أو تجريدية)، وبالتالي على إيحاءات تلعب فيها الألوان والأشكال الحية دورَ المفردات للغة تشكيلية خاصة به.
غالباً ما تحضر أعمال "إل سيد" في مناطقَ هامشية تخلو من العنصر الجمالي وتفتقد للحياة، وتتميز برمادية أجوائها (صحارى، أحياء فقيرة، منازل مهجورة، أبنية نمطية...). أعمال تضفي على هذه الأماكن، بحضورها، حياةً ولمسةً شعرية فنية تفتقدها، كما تؤمّن لساكن هذه المناطق أو العابر فيها، مفاجأة بصرية تتحوّل إلى دهشة غنية بالانفعالات.
من أعمال المعرض |
من هنا تأتي أهمية مسعى "إل سيد" الذي لا يكتفي بأعمال يمكن عرضها في المتاحف والغاليريات، كحال معرضه الحالي، الذي يتألّف من أعمال منفذة على شكل منحوتات أو تجهيزات أو لوحات، بل يذهب أيضاً بفنه إلى أولئك الذين يهملهم عادةً الفن وأربابه؛ لاقتناعه بأن رسالة الفنان ليست موجّهة بالضرورة إلى نخبة "مثقفة"، وإنّما يمكن لجميع الناس تلقّيها وقراءتها والاستمتاع بها.