تنطلق عروض مسرحية "الهربة" على خشبة "لارتيستو" في تونس العاصمة عند السابعة والنصف من مساء غدٍ السبت وتستمر لمدة يومين، وتستمد المسرحية التونسية عنوانها من ظروف الشخصيات الثلاث التي يهرب كل منها بطريقته من الواقع.
يدور عرض المخرج المسرحي غازي الزغباني حول أحد المتشددين دينياً والذي يهرب من الملاحقة الأمنية ويحتمي في بيت واحدة من بائعة الهوى، ويلعب الأدوار فيه نادية بوستة ومحمد حسين قريع الى جانب المخرج الذي اقتبس المسرحية عن نص فرنسي لحسن ميلي.
تتقلب محاورات الشخصيات بين الحرية السياسية والدينية والحرية الفردية، وبالذات قضية المرأة والمفاهيم التحررية وما يقابلها من قيم التشدد إلى قد تنحو إلى التطرف، حيث الحوارات التهكمية في آن والجدية في آن تكشف أقنعة كل الشخصيات وأوهامها وأفكارها الملتبسة عن الحرية وهوية الجسد.
تقبل المرأة الانفتاح على المتشدد وتقبل الآخر، وتحاوره، يقابلها التفكير السجين والتسطيح الذي يقابله من جهة المتشدّد، والذي تكشف الظروف أنه يحمل الشهادة العليا ويمكن أن يكون مؤثراً وفاعلاً اجتماعياً.
تبدأ المسرحية بدخول المتشدد هارباً إلى غرفة المرأة في ماخور المدينة، مختبئاً عن عيون الأمن، وأثناء ذلك يدخل زبون إلى الغرفة أيضاً فتبدأ المفارقات الكوميدية السوداء، إذ يختبئ الهارب تحت السرير بانتظار أي أفق لهذا الوضع الذي يجد نفسه فيه مرغماً على قبول الاختلافات الفردية والفكرية ومصائر وقناعات البشر المختلفة في الحياة.
تلخص المسرحية بأجوائها العبثية الكثير من مشكلات المجتمع التونسي التي تلت الثورة، والمكونات المختلفة من تشدد وأمن وتحرر واعتدال، كما تطرح مسائل الدين والحب والرغبة والواقع الاجتماعي، وتجمع ثلاث شخصيات كل منها هارب من واقع ما لسبب مادي أو اجتماعي أو سياسي أو كل هذه مجتمعة.
حصل عمل الزغباني على عدة جوائز خلال العام الماضي، وشاركت في عدّة مهرجانات محلية وعربية، وعنها قال المخرج لو عرضت قبل الثورة فإنها ستتعرّض إلى الرقابة وسيحذف الكثير منها، إذ إنها تطرح أسئلة جريئة وحساسة.