ألبرتو مورافيا.. من "الانتباه" إلى "السأم"

04 يوليو 2017
(ألبرتو مورافيا، تصوير: آيدا بارو)
+ الخط -

أربع روايات أعادت منشورات "الجمل" إصدارها للروائي الإيطالي ألبرتو مورافيا (1907 - 1990)، "أنا وهو" (كتبت عام 1971)، و"السأم" (1960)، و"الانتباه" (1966)، و"الاحتقار" (1954)، وهي أعمال يمكن وصفها بأنها أصبحت من كلاسيكيات القرن العشرين.

تواريخ إصدار هذه الروايات مهمة لأن أدب مورافيا بعد الحرب العالمية الثانية اختلف، وأصبح منهمكاً بالمخاوف اليومية وهجاء البرجوازية، بل وعرف أدبه تحوّلاً في أسلوبه، وتخلّى عن أن يكون الراوي بضمير الغائب لصالح ضمير المتكلم. كما لجأ في معظم أعماله إلى اللغة العامية والشعبية في إيطاليا (لا تظهر هذه الروح في الترجمة) وكان بهذه الطريقة يعبّر عن الطبقات التي تنتمي إليها الشخصيات، لا سيما وأنه أصبح يكثر من هجاء الطبقة الوسطى التي تريد أن تشق طريقها إلى البرجوازية.

كما أن تواريخ هذه الروايات أمر مهم لسبب آخر، وهو التحّول الأيديولوجي لمورافيا الذي ظلّ ماركسياً حتى بداية الستينيات، بعد ذلك تخلّى عن ماركسيته في الأدب، وبدأت رواياته وقصصه القصيرة التي كان غزيراً في كتابتها، تظهر استخدامه للفرويدية في بناء شخصياته وتصوير صراعاتها الداخلية، كما أصبحت الجنسوية والاغتراب مسائل حاضرة في حياة أبطال رواياته، حتى أنه وُصف بالفجور والهوس، ومُنعت بعض أعماله من التداول في البداية، ثم باتت كلها ملحقة بما يعرف بـ"بابل إندكس"، أي فهرس الكتب الممنوعة، بسبب ما اعتُبر استخداماً صريحاً للجنس بلغة فجة، ولكنه ظلّ يكتب هكذا حتى أنه أصدر "حكايات إيروتيكيه" وهو في السبعين من عمره.

في "الاحتقار"، سنجد مورافيا يدخل حياة "مثقف" (ريكاردو مولتيني) كاتب يحتاج إلى المال فيعمل كاتب سيناريو لدى أحد المنتجين الأثرياء، والذي يدفع بزوجته الجميلة (إميليا) إلى التجاوب مع رغبات المنتج، يلتقط مورافيا اللحظة التي ينقلب فيها الحب إلى احتقار، وقد تبدو القصة عادية أو متقشفة، لكنها تشرح موضوعاً نفسياً على قدر كبير من الأهمية، إذ يدرس الكاتب الشخصيات من جهة عاطفية ويتفحصها ثقافياً ويكشف ضعف بناها والتحوّلات التي طرأت على الفرد بعد الحرب العالمية الثانية، لاحقاً سيأخذ المخرج الفرنسي جان لوك غودار هذه الرواية إلى السينما وستلعب بريجيت باردو أمام ميشيل بيكولي أحد أجمل أدوارها.

إعادة نشر روايات مورافيا تحيلنا إلى كثير من الأعمال المترجمة قديماً والتي باتت مفقودة ورقياً، وربما يجدر الالتفات إلى إتاحتها لقارئ اليوم من جديد.

المساهمون