حبّاً في الشعر

04 يوليو 2017
مصطفى يعقوب/ سورية
+ الخط -

الناجون والغرقى، جميعاً في التغريبة السورية، سواء.

واحد أخذه الماء، والآخر تتكفّل به أوروبا. أراهم في مراكز اللاجئين، يعيدون إنتاج موتهم يومياً. واحد مات لمرة واحدة وارتاح، والآخر لا يموت ولا يحيا. نرثي من ونكتب لمن؟

أنا ابن التغريبة الملاصقة، أكتشف بعد هذا العمر الوبيل، أني وزملائي، لم نكن سوى كتّاب مراثٍ.

كتب راكمناها، ومقالات دبّجناها، وعمر انقضى متعلّقاً بوهْم الشعْر. وفي النهاية نعرف أننا لم نفعل سوى توهُّم الوقوف على الأطلال. لمَ توهّم؟ لأن الطلل ذاته ليس في حوزتنا. وبيننا وبينه مؤامرات وزبَد ونجيع وعسْكر.

■ ■ ■

يُظلم الشعر، ويظلم كاتبه، لو طلب منهما أن يكونا على مستوى اللحظة: مستوى الحدَث. فأينها الكتابة (مُطلق الكتابة) التي توازي اللحظة وتحتمل وقوع الحدث في العالم؟

أغبط الشعراء الجاهليين على توفر شرطي الكتابة الذهبييَن لديهم: مرور الزمن، ووجود الطلل.

لقد كتبوا من مسافة آمنة. أما الشعراء السوريون، وقبلهم الفلسطينيون، فلم يتوفر لهم هذان الشرطان، بعدُ.

■ ■ ■

من يختار الشعْر لا يليق به أن يستعجل قطف الثمرة.



* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون