شاكر الأنباري: "أقسى الشهور" والأمكنة

31 مايو 2019
ضياء العزاوي/ العراق
+ الخط -

شكلت سنوات الاحتلال الأميركي للعراق، وما تخللها وتلاها من عنف وصراعات، انعطافة كبيرة في مواضيع الأعمال السردية العراقية، وتعددت أشكال الاقتراب من هذه المرحلة واستكشافها، بين الفنتازيا كما فعل أحمد سعداوي، أو على نحو متأمل ومتألم كما فعل سنان أنطون في "فهرس"، وهاهو الروائي شاكر الأنباري يقف عند هذه الفترة في روايته التي صدرت مؤخراً عن "منشورات المتوسط" بعنوان "أقسى الشهور".

الروائي العراقي الدنماركي (1958) واحد من أغزر الروائيين، فقد أصدر إلى اليوم 11 عملاً سردياً. وفي جديده يتناول تلك الحقبة الدموية التي كانت أقرب إلى حرب أهلية، عاش فيها العراقيون حوادث القتل والخطف والتفجيرات وصعدت أصوات الطائفية في أبشع أشكالها.

أماكن كثيرة تظهر من بغداد، لكن الدورة تقريباً هي المسرح الرئيسي للأحداث، حيث تقع الاختطافات، وهناك أيضاً منطقة المعامرة ومنطقة البتاوين التي توصف في الرواية كما لو كانت مركزاً لتجارة الأعضاء.

الرواية تتناول المكان/ الحاضنة، حين يتحول إلى مسرح لشتى أنواع الجرائم، وتجعل من بغداد جحيماً الجميع فيها مستهدف وهناك ألف سبب للاستهداف، وثمة آلة قتل ضخمة كما يقول الكاتب في الرواية، تتحرك بسرية تامة ولا أحد يعرف مكمنها.

يعد الأنباري من الكتاب الذين غامروا في تجارب مختلفة في الكتابة، ثمة تجارب نفسية وروحانية جربها في عمله "كتاب ياسمين"، وفكك في روايته "أنا ونامق سبنسر" حالة المنفى.

كما سبق وأن خاض في مفاصل مهمة مما حدث في العراق بعد الاحتلال الأميركي وزوال النظام السابق في روايته "مسامرات جسر بزبير" التي تناولت أيضاً الفوضى التي رافقت تلك التغيرات الزلزالية وقادت إلى دمار المكان القديم، وأغلقت أفق الحياة لمدن بكاملها.

كتب الأنباري أيضاً قراءة نقدية بعنوان "ثقافة ضد العنف؛ إطلالة على عراق ما بعد الحرب"، تطرق فيها إلى دور المثقف العراقي في عراق ما بعد الحرب، مستكشفاً المشهد الذي ترسمه مكونات هذه الثقافة اليوم بعد سقوط تجربة الحزب الواحد ورقابة الدولة على وسائل الإعلام والنشر.

المساهمون